المقدّمة الثالثة
في ابطال وجود الممكن بنفسه وبأولوية ذاتية
أو خارجية ، واثبات انّه لا يوجد إلاّ بعلّة خارجة (١)
ولا بدّ لنا أوّلا / ٢MA / من بيان قسمة عقلية ؛ هي : أنّ كلّ موجود إذا لوحظ من حيث هو إمّا ينتزع منه الوجود بنفس ذاته مع قطع النظر عن جميع ما عداه ، أو لا ؛ بل يتوقّف الانتزاع على ملاحظة غيره. وبعبارة اخرى : كلّ موجود بنفس ذاته إمّا يجب له الوجود ، أو لا ، بل يتساوى نسبة الوجود والعدم إلى ذاته ؛ والثانى ـ على التقديرين ـ هو « الممكن » ، والأوّل هو « الواجب » ـ المعبّر عنه « بالوجود الحقيقىّ » عند / ٢DA / المشّائين و « بالنور الغيبيّ » عند الاشراقيّين و « بمنشإ انتزاع الموجودية » عند أهل الذوق من المتألّهين و « بالمرتبة الاحدية » عند الصوفيّة و « بالوحدة الحقيقيّة » عند فيثاغورث (٢) ـ.
وهذه القسمة وإن كانت ضروريّة إلاّ أنّه أورد عليها شكوك ثلاثة لا بدّ من دفعها ؛
اوّلها : انّه يمتنع أن يحكم على ماهيّة من الماهيّات بامكان الوجود ، لانّ كلّ ماهيّة إمّا معدومة ، فلا تقبل الوجود ؛ أو موجودة ، فلا تقبل العدم ، وإلاّ اجتمع النقيضان! ؛
وجوابه : إنّ الحكم بالامكان على الماهيّة من حيث هي من دون اعتبار الوجود والعدم ، فلا يلزم اجتمع النقيضين.
وثانيها : انّ العدم ليس له تميّز في الخارج ، فلا يتصوّر له نسبة إلى شيء فضلا عن تساوي النسبة ؛
__________________
(١) راجع : الشرح الجديد ، ص ٣٩. وانظر أيضا : كشف المراد ، ص ٣٢ ؛ شوارق الإلهام ، ج ١ ، ص ٨٩ ؛ شرح المقاصد ، ج ١ ، ص ٤٨١ ؛ گوهر مراد ـ الطبعة الحجرية ـ ، ص ١٤٤ ؛ الحكمة المتعالية ، ج ١ ، ص ١٩٩.
(٢) راجع : المبدأ والمعاد ـ لصدر المتألّهين ـ ، ص ١١. وفيه : « ... بالنور الغنى عند الرواقيين ». والمذكور في المتن يوجد في ما بأيدينا من مخطوطتين.