تحقّق وجود هذه السلسلة دون عدمها مع تساوي نسبتها إليهما ، فيلزم الترجيح بلا مرجّح.
فان قيل : انّما تحقّق وجودها دون عدمها لتحقق علّة الوجود ـ أعني : ممكنا آخر ـ ، لأنّ الفرض استناد كلّ واحد من آحاد هذه السلسلة إلى آخر إلى غير النهاية ؛
قلنا : انّا أخذنا جميع ما في السلسلة بحيث لا يشذّ عنها شيء ؛ وقلنا تحقّق وجود جميع هذه السلسلة دون تحقّق عدمها مع تساوي نسبتها إليهما ترجيح بلا مرجّح!.
فلا ينفع استناد كلّ واحد من أجزائها إلى جزء آخر. وما ذكرناه مبني على التمسّك بالوجودات الامكانية الابتدائية.
ويمكن التمسّك بالوجودات الثانوية البقائية بأن يقال : الممكن في البقاء محتاج إلى العلّة ، فنسبته إلى البقاء ـ أعني : الوجود الثانوي ـ والعدم الطاري على السواء ، فتحقّق البقاء دون العدم الثانوي ترجيح بلا مرجّح.
فان قيل : بقاء كلّ ممكن مستند إلى آخر إلى غير النهاية ؛
قلنا : كما مرّ انّا أخذنا جميع هذه الوجودات البقائية بحيث لا يشذّ عنها شيء ؛ ونقول : تحقّق هذه الوجودات دون العدمات الطارية ترجيح بلا مرجّح!.
ومنها : انّ لواجب الوجود مفهوما ، فان كان بإزاء هذا المفهوم حقيقة في الخارج ثبت المطلوب ، وإن لم يكن بإزائه شيء في الخارج وكان معدوما فيه لكان عدمه امّا مستندا إلى نفسه فيكون واجب الوجود ممتنع الوجود ، فيلزم الانقلاب ؛ أو مستندا إلى الغير فيكون واجب الوجود ممكن الوجود ، فيلزم الانقلاب أيضا ؛ فعدم واجب الوجود لا يكون واقعا ، لاستلزامه انقلاب الماهية.
ومنها : برهان اخترعه بعض أفاضل المتاخرين وتقريره : انّ الممكن منحصر في الجوهر والعرض ـ لأنّ كلّ ممكن امّا أن يكون بالنظر إلى ذاته وحقيقته محتاجا إلى الموضوع أم لا ، والأوّل هو العرض والثاني هو الجوهر ـ. وهذا حصر عقلي لا يقبل الواسطة ، ولذا اتفق جميع العقلاء على الانحصار. واذ ثبت الانحصار نقول : العرض باعتبار طبيعته محتاج في وجوده إلى الجوهر ، ولا عكس ـ لاستلزامه الدور ـ وطبيعة