العدم عليه بالكلّية لما تقدّم من أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد ، وشيء من الممكنات لا يمكن أن يكون موجبا لوجود شيء ولا منشئا لامتناع طريان العدم عليه بالكلّية ـ لانّ مفيد الوجوب ومنشأ امتناع طريان العدم لا يمكن أن يكون عاريا عن الوجوب السابق واللاحق ـ ، والممكن عار عنهما. ولو فرض استناد كلّ واحد إلى آخر إلى غير النهاية حتّى يحصل الوجوب بالغير نقول : كما تقدّم انّ المجموع حينئذ يجوز عليه العدم بالنظر إلى ذاته ـ لما مرّ مرارا من أنّ مجموع الممكنات في حكم ممكن واحد في جواز طريان العدم عليه بالكلّية ـ ، فلا يتحقّق له الوجوب حينئذ أيضا ، فلو لم يتحقّق موجود خارج عن الكلّ هو الواجب لذاته لم يوجد موجود اصلا ، فثبت المطلوب.
ومنها : انّه لو لم يتحقّق واجب الوجود لذاته لم يتحقّق شيء من الممكنات ، إذ لا يمكن أن يكون شيء من الممكنات مستقلا بنفسه لا في الوجود ـ وهو ظاهر من ملاحظة مفهوم الممكن ـ ولا فى الايجاد ، اذ المستقل بالايجاد شيء يمتنع نسبة جميع انحاء عدم ذلك الشيء عليه ، ولا شيء من الممكنات كذلك ـ لجواز طريان العدم على الكلّ ـ.
واصل هذا الدليل من بهمنيار ، حيث قال في التحصيل : « لو لم يتحقق واجب الوجود لذاته لم يتحقّق ايجاد مطلقا ». ووجهه : انّ الممكن لا يجوز أن يصير منشئا لوجود نفسه ، فكيف يمكن أن يصير منشئا لوجود غيره. ونعم ما قيل في هذا المعنى :
ذات نايافته از هستى بخش |
|
كى تواند كه شود هستى بخش |
ومنها : البرهان المعروف ببرهان الأسدّ والأخصر. وتقريره : انّه لو لم يوجد واجب الوجود لذاته لم يتحقّق موجود أصلا ، إذ الوجود حينئذ لا يحصل إلاّ بالاستفادة من الغير. وهذا الغير لمّا لم يكن له الوجود لذاته يجب أن يكون وجوده أيضا مستفادا من الغير ، وهكذا. وجميع الأغيار وإن كانت غير متناهية لمّا لم يكن لشيء منها وجود بالذات فهي في حكم ممكن واحد في / ١٨MB / الافتقار إلى استفادة الوجود من الغير ، فلو لم يوجد واجب الوجود لذاته فمن أين يحصل الوجود؟
وبتقرير آخر : لو تسلسلت الممكنات إلى غير النهاية واستند كلّ واحد إلى