الآن ؛ وإن كانت العلّة غير ذلك فلا بدّ من بيانها حتّى ننظر في صحّتها وفسادها!.
وبذلك يظهر فساد ما في كلامه الّذي فرع على ما توهّمه من عدم امكان فرض آن متّصل بآن انتهاء زمان عدم البلوغ.
ثمّ أورد على الجواب المذكور أيضا : بأنّه إن استمرّ الكفر في ثاني الحال فلا قدرة فيه على الايمان ، لأنّ المفروض انّ القدرة لا يكون إلاّ مع الفعل ، وإن تبدّل بالايمان لم يكن مكلّفا بالايمان فيه ـ لاستحالة التكليف بتحصيل الحاصل ـ فيتحقّق التنافي بين التكليف والقدرة الّتي هي شرطه ، إذ ما لم يحصل الايمان لم يكن مقدورا ؛ وإذا حصل لم يكن مكلّفا به ، فيستحيل اجتماعهما. بل يجتمع دائما عدم القدرة مع التكليف ، لأنّ قبل الفعل لا قدرة والتكليف ثابت ، ومع الفعل لا تكليف والقدرة ثابتة.
وغير خفيّ انّه لو اكتفى بالشقّ الأوّل من الترديد لكفى في ردّ الجواب المذكور ، لأنّه إذا لم تكن قبل الايمان قدرة عليه فما دام يستمرّ كفر كافر لا يكون مكلّفا بالايمان أصلا ، فيبقى العقاب رأسا على مطلق الكفر ، ولا يتوجّه ذم ولوم على أحد من الكفار!.
قيل في دفع هذا الايراد : انّ التكليف لا يتعلّق إلاّ بما هو مقدور على تقدير وجوده ، واللازم منه أن يكون المكلّف به مقدورا في أيّ زمان فرض ، ولا يشترط كون القدرة مجامعة للتكليف. وتوضيحه : انّ شرط القدرة اجتماعها مع الفعل لا اجتماعها مع التكليف ، لأنّه يجوز عند الأشاعرة أن يكون التكليف مقدّما على القدرة ويكفي في كون المكلّف به مقدورا عندهم صلاحية تعلّق القدرة به ـ أي : كونه بحيث إذا فعل وقع مقارنا للقدرة ـ. ولا شكّ في تحقّق هذا المعنى حال عدم الفعل ، إذ يصدق أنّ التكليف قد تعلّق بما هو مقدور على تقدير وجوده. ولم يعتبر المقدورية بالفعل حتّى يرد الاشكال على أنّ التكليف بتحصيل الحاصل إنّما يستحيل إذا كان حاصلا بتحصيل آخر ، لا بذلك التحصيل ؛ وحينئذ جاز أن يستمرّ التكليف حال القدرة. فاندفع تشنيع المعتزلة على الأشاعرة بلزوم عدم العصيان ، إذ لا تكليف قبل الفعل لعدم القدرة ، فلا عصيان. ومع الفعل لا عصيان أيضا ، لأنّهم لا يسلّمون عدم التكليف قبل القدرة.
ثمّ / ٨١DA / قيل : هذا الدفع دفع للايراد بتغيير الجواب!. إذ لا اختصاص لهذا