الوقوعي ـ لا يجامع القول بايجاب ما مطلقا ، سواء كان دائما أم لا. فانّ الظاهر انّ مرادهم بالقدرة صحّة الفعل في وقت وتركه في ذلك الوقت ، إذ المراد بالترك في قولهم صحّة الفعل والترك ما هو مقابل الفعل ، ووحدة الزمان معتبرة في التقابل ، فالترك الّذي بفرض في زمان الفعل هو المقابل للفعل ، لا الّذي يفرض قبله ، لعدم ايجاد الزمان. فالفعل إذا وجب في وقت ما لم يمكن أن يكون فاعله بالاختيار فيه ـ لعدم امكان وقوع الترك فيه ـ. فالقول بالاختيار بهذا المعنى ليس إلاّ للأشعري فقط ، إذ عنده يجوز أن يقع بدل الفعل تركه لعدم قوله بالوجوب اصلا ، فعنده الفاعل مختار وإن كان العالم قديما. فعلى هذا لا يرجع النزاع في الايجاب والاختيار إلى طائل سوى حدوث الأثر ؛ وقد مرّ. فالحقّ انّ هذا النزاع لا ينبغي أن يكون إلاّ بين الاشعري والحكيم ، فاحفظ هذا ؛ انتهى ؛ هذا.
وفيه ما أورد عليه بعض الأعلام : بأنّ مراد المتكلّمين بالصحّة هو الصحة بالقياس إلى الذات بدون اعتبار الإرادة لا الامكان الوقوعي على ما زعمه. ثمّ بعد حمله على الامكان الوقوعي يجب حمله على الفعل والترك في وقتين وإن كان تكلّفا حتّى لا يلزم ما ذكره. وكيف تحمل العبارة الواقعة في كلام المتكلّمين قاطبة وبعض الفلاسفة أيضا على ما لا يستقيم إلاّ على مذهب الأشعري؟!. فانّ حمل « الصفة » في تعريف القدرة على الامكان الوقوعي بمعنى جواز وقوع كلّ من الفعل والترك بدل الآخر ممّا تفرّد الأشاعرة بالقول به ، ولم يذهب إليه أحد غيرهم.
تتميم
المناسب هنا أن نشير إلى أقوال المتكلّمين واختلافاتهم في علّة تخصيص حدوث العالم بوقته وجواب ايراد الفلاسفة عليهم.
فنقول : لمّا كان الفاعل المختار عندهم هو الّذي يتساوى مقدوراته بالقياس إليه من حيث هو قادر احتاجوا إلى اثبات شيء بسببه يتخصّص الطرف الّذي يختاره. فاثبتوا له إرادة تتعلّق بذلك الطرف ويتخصّص ذلك الطرف لأجلها ؛
فالأشاعرة على أنّها زائدة على الذات والقدرة والعلم وسائر الصفات وقديمة ،