أن يفعل فلا يستمرّ ، فكون العدم الأصلي ازليا لا ينافي تعلّق القدرة بابقائه. وأيضا يكفي في كون طرف النفى أثرا بمعنى الاستتباع انّ القادر لم يشاء فلم يفعل ، فانّ انتفاء الفعل ليس فعل الضدّ الّذي هو العدم ؛ انتهى.
والظاهر انّ ما ذكره هذا القائل جواب واحد لأنّه بعد ما قال : / ٨٥DB / انّ متعلّق القدرة هو عدم الفعل لا فعل العدم ، أشار إلى وجه اندفاع الدليلين المذكورين في الشبهة لعدم كون العدم مقدورا ، فأشار بقوله : وتحقّق العدم ... إلى قوله : أيضا ، إلى اندفاع الدليل الأوّل ؛ وبقوله : أيضا ، إلى اندفاع الدليل الثاني. وقد مرّ توضيحه فيما تقدّم.
وحمل بعض الأفاضل كلامه هذا على جوابين ، وجعل ما ذكره إلى قوله : ... أيضا ، جوابا مستقلاّ ، وقوله : أيضا ... إلى آخره ، جوابا آخر ؛ وقال : الفرق بين الجوابين أنّ الجواب الأوّل حاصله انّ ما ترتّب على قدرة القادر هو استمرار العدم وعدم استمراره لا نفس العدم ؛ وحاصل الجواب الثاني ـ أعني : ما ذكره بقوله : أيضا ... إلى آخره ـ : هو أنّ ما يترتّب على قدرة القادر هو نفس العدم ، لأنّ الأثر قسمان : أحدهما : ما يتعلّق به الجعل والتحصيل ـ والعدم لا يكون من هذا القبيل ـ ؛ وثانيهما : ما يستتبع شيئا سواء كان بحيث يصحّ تعلّق الجعل والتأثير به أولا يصحّ ، كالعدم فانّ عدم الفعل المقدور يستتبع عدم مشية القادر ، لأنّه يصحّ أن يقال : انّ القادر لم يشاء فلم يفعل ؛ فعدم الفعل يترتّب على عدم المشية لأنّ العدم تعلّق به الجعل والتأثير لأنّ الجعل والتأثير لا يتعلّق إلاّ بالشيء ، والعدم بما هو عدم لا شيء ؛ انتهى.
ولا يخفى انّ حمل كلامه على ما ذكرناه ـ : من كونه جوابا واحدا ـ اصوب!.
ثمّ على ما ذكرناه ـ : من صحّة تسليم انّ العدم الأزلي بما هو عدم ليس مقدورا ولا ضير في منع تعلّق القدرة به ـ يمكن أن يحمل عبارة المحقّق أيضا على ذلك ، بأن يقال : انّ معناه : انّ انتفاء الفعل ليس فعل الانتفاء ليصحّ تعلّق القدرة ، لأنّ القدرة لا تتعلّق إلاّ / ٩٠MA / بالفعل ، وانتفاء الفعل ليس بفعل حتّى يصحّ تعلّق القدرة به.