لا مناسبة بين الوجود والعدم؟!.
والجواب : انّ الممكن من حيث جهته المستندة إلى الواجب ـ أي : الممكن الموجود ـ ليس وجودا محضا وخيرا صرفا ، فانّ محض الوجود ليس إلاّ الواجب ـ تعالى شأنه ـ ، بل هو وجود مشوب بالعدم وأيس مخلوط بالليس ، فانّ وجوده وان صدر عن الواجب ملزوم / ١٠٨MA / للافتقار الذاتي والاحتياج الواقعي ، فلا يمكن أن ينفكّ عن العدم والشرور الواقعة في هذا العالم أيضا شرور إضافية ـ أي : اعدام مخلوطة بالوجود ـ. وليست اعداما صرفة ولا وجودات صرفة فيصير وجود مخلوطة بالعدم علّة وفاعلا لما هو مثله ـ أي : ما هو وجود مخلوط بالعدم ـ. إلاّ انّ جهة العدم في المعلول الّذي هو الشرّ أكثر. وهذا أمر كلّي بالنسبة إلى كلّ معلول ، فانّ جهة العدم والشرّية في كلّ معلول أكثر منها في العلّة ، وجهة الوجود والخيرية بالعكس من ذلك.
وتوضيح ذلك : انّ واجب الوجود بالذات وجود محض وخير صرف لا يتصوّر فيه شائبة من العدم والشرّ ، كما انّ العدم الصرف عدم محض وشرّ صرف لا يتصوّر فيه شائبة من الوجود والخيرية. ثمّ ما يصدر عنه ـ سبحانه ـ بلا واسطة كاد أن يكون وجودا محضا وخيرا صرفا ، إلاّ انّه ليس بهما لافتقاره الذاتي وتنزّله وبعده عن الوجود المحض والخير الصرف بمرتبة ، فله شوب من العدم.
ثمّ ما يصدر عن هذا الصادر يكون شوب العدم فيه أكثر ـ لبعده عن الوجود الصرف بمرتبتين وقربه بمرتبتين إلى العدم والشرّ ـ ، وهكذا كلّما تكثّر الوسائط ويصير المعلول أبعد عن الوجود المحض والخير الصرف يكون شوب العدم وجهة الشرّ فيه أكثر من سابقه إلى أن يصل إلى ما يحصل فيه نحو من العدم والشرّ بالفعل ويتميّز فيه جهتاهما وان كان مع ذلك جهة وجوده وخيريته غالبة ؛ فظهر انّ علّية الممكنات الموجودة للشرور الاضافية جائزة ، والمناسبة بينهما ثابتة.
ومنها : انّ النظام الأصلح بأي سبب تقع فيه تلك الشرور الاضافية؟! ، وبأيّ جهة لا بدّ من وقوعها فيه؟! ، ولم لا يمكن للواجب ـ تعالى ـ ايجاد هذا النظام كما هو بحيث لا يقع فيه تلك الشرور؟! ؛ فانّه لا شبهة في أنّ النظام إذا كان بحيث لم يقع فيه