نفس الأمر ويقبل العدّ والانقسام إلى الأعوام والشهور والأيّام والساعات وغير ذلك ، وكلّ ذلك احكام صحيحة لها تحقّق في الواقع ونفس الأمر وبها يحصل الاعداد الواقعية في الخارج ، فلو كانت المتعاقبات من المعدّات والزمان غير متناهية لحصل الأعداد الغير المتناهية في الواقع ونفس الأمر ، فيجري فيه التطبيق وغيره من براهين ابطال التسلسل. ولا مدخلية لحصول الاجتماع في الوجود وجريان التطبيق ، بل المناط فيه حصول الوجود في الخارج بحيث أمكن فرض التطبيق ، ولا ريب في صحّته مع حصول الوجود التدريجى.
فان قيل : إذا اجتمعت الآحاد في الوجود مع ترتّبها وتطبيق أوّل جزء من إحدى الجملتين على أوّل جزء من الجملة الاخرى يحصل الانطباق بين بقية آحاد الجملتين ، اذ المراد بالتطبيق عند التحقيق توافق الأفراد في المراتب وهو يحصل بمجرّد انطباق الجزءين الاوّلين من الجملتين في نفس الأمر عند وجود الآحاد مجتمعة مع الترتّب ، وأمّا إذا لم تكن مجتمعة بل كانت متعاقبة في الوجود فعند تطبيق بعضها على بعض لا يحصل الانطباق بين البواقى ، لانتفائها ، إذ هو انّما يكون في الأمور الموجودة لأنّ تعيّن كلّ واحد بمرتبة خاصّة من مراتب العدد في نفس الأمر انّما هو بعد وجودها في الخارج أو في مدرك من المدارك ، والمتعاقبات في الخارج منتفية ؛ وكذا في العقل ، لانّه لا يقدر على استحضارها مفصّلة.
قلنا : إذا فرضنا جملتين متعاقبتين موجودتين على التدريج كزيد وأبيه وجدّه ـ وهكذا إلى غير النهاية ـ ثمّ طبقنا بين زيد وعمرو فلا نشكّ في انّه يحصل التطبيق النفس الأمري بين البواقى وإن لم تكن موجودة في الخارج ، لانّ كلّ جزءين من اجزاء السلسلتين لمّا وجدا توافقا في المراتب فيحصل بينهما التطبيق في حاقّ الواقع ومتن نفس الأمر وإن لم يكونا موجودين في الحال ، وهذا ظاهر لا ريب فيه. وأمّا جريانه في المجتمعة الغير المرتّبة فلأنّ وقوع كلّ واحد من آحاد إحدى الجملتين بإزاء آحاد الجملة الاخرى إذا كانت الجملتان موجودتين معا من الأمور الممكنة وإن لم يكن بين آحادهما ترتّب ، والعقل يفرض ذلك الممكن واقعا حتّى يظهر الخلف ، ولا يحتاج في ذلك