يلزم أن يكون قبلها معطّلا ويلزم أن يكون فصلا أيضا ، لعدم وجود شاهد على وجوده من الجسمانيات ، لأنّ ادلّة وجوده مدخولة. وقد تقرّر عند الحكماء أنّ لا تعطّل ولا فصل في الوجود. والمراد بالفصل عندهم ما هو كذلك ـ أي : لا دليل على وجوده ـ.
ولا يخفى ما في هذا الدليل من الأنظار الظاهرة ، مع أنّه جدلي!.
السادس ـ وهو المعوّل عليه عند الأكثر ـ ، وهو : انّ البرهان العقلي قائم بأنّ الممكن الّذي لا وجود له باعتبار ذاته لا يوجد الجواهر والاعراض ، والبرهان القائم هو ما ذكره بهمنيار في التحصيل حيث قال : وإن سألت الحقّ فلا يصحّ أن يكون علّة الوجود إلاّ ما هو بريء من كلّ وجه من معنى ما بالقوة ، وهذا هو صفة الاوّل ـ تعالى ـ لا غير. إذ لو كان مفيد الوجود ما فيه معنى بالقوّة ـ سواء كان عقلا أو جسما ـ كان للعدم شركة في افادة الوجود ، وكان لما بالقوّة شركة في اخراج الشيء من القوّة إلى الفعل ؛ (١) انتهى.
وتوضيح هذا البرهان : انّ كلّ ممكن بما هو ممكن وباعتبار ذاته سواء كان مادّيا أو مجرّدا لا يكون إلاّ قوّة صرفة ، بل هو في مرتبة ذاته وحدّ نفسه ليس محض وعدم صرف ، وليس له بهذا الاعتبار استشمام رائحة من الفعل اصلا ، وانّما فيه قوّة الوجود والفعلية. وأمّا نفس موجوديته وفعليته فهو بأمر مغاير عن ذاته كما بينوه في مقامه وفرعوا عليه تأخّر وجوده عن عدمه المعبّر بالحدوث الذّاتي. وهذا الأمر المتغاير هو مخرج الممكن من القوّة إلى الفعل ، فلكلّ ممكن مخرج من / ٦٤DA / قوّته إلى الفعلية. ولا بدّ أن يكون ذلك المخرج مما هو مخرج بالفعل من جميع الجهات ، وإلاّ يلزم أن يكون للقوّة دخل في اخراج الشيء من القوّة إلى الفعل ، وهو بديهي البطلان. فالممكن لعدم خلوّه عن القوّة بل كونه محض العدم والقوّة لو فرض كونه موجدا لموجود ومخرجا له من القوّة إلى الفعل لزم أن يكون لذلك العدم والقوّة أيضا دخل في ذلك الايجاد والاخراج. لأنّ كلّ ما في مرتبة ذات الفاعل من حيث هو فله تقدّم على الفعل كتقدّم الفاعل عليه ، فلا يجوز أن يكون ممكن موجدا لشيء ومخرجا له من القوّة إلى الفعل ؛ و
__________________
(١) راجع : التحصيل ، الفصل الأوّل من المقالة الخامسة من الكتاب الثاني ، ص ٥٢١.