كلّ من المرتبة وذي المرتبة.
وعلى هذا فتحرير الجواب عن الشبهة المذكورة أن يقال : انّ الوجود الأزلي للعالم ممتنع ، فكون الواجب وجميع صفاته الكمالية قديما لا يكفي في ايجاده ، لأنّ الممتنع لا يصير متعلّق الايجاد.
وأورد عليه : بأنّ الوجود الأزلي للممكن إذا كان ممتنعا لذاته فذاته لا بدّ أن يقتضي العدم ، فان اقتضى العدم المطلق فيجب أن يكون معدوما دائما ـ وإلاّ يلزم الانقلاب ـ ، وان افيض العدم في وقت فآل الأمر إلى مدخلية الوقت ، فلا بدّ من القول بعدم الزمان. وحينئذ فلا حاجة إلى التمسّك بكون الوجود الأزلي للممكن ممتنعا لذاته.
فان قلت : لعلّه اقتضى العدم قبل الوجود لا العدم في وقت خاصّ حتّى يلزم ما ذكرت ؛
قلت : فلا بدّ أن يثبت له دائما العدم قبل الوجود وانّه محال. وبالجملة الممكن إن اقتضى العدم بذاته من غير مدخلية شيء اصلا يجب أن يكون معدوما دائما بالعدم الّذي هو مقتضاه ، وإن كان عدما مطلقا فعدما مطلقا وإن كان عدما في وقت خاصّ فعدما في وقت خاصّ ـ أي : يجب أن يكون معدوما دائما في ذلك الوقت ـ وانّه محال. وكذا إن كان المقتضي العدم قبل الوجود أو تقييد آخر مثله وان اقتضى العدم بمدخلية شيء أو من وقت أو غيره. فاذا لم يكن ذلك الوقت مثلا لم يقتض العدم واستعدّ لايجاد الفاعل ايّاه ، فننقل الكلام إلى ذلك الأمر الآخر ويبقي الاشكال بحاله ، فان تمسّك بتقدّم الزمان الموهوم فهو ـ على تقدير صحّته! ـ يكفي في دفع الاشكال ، ولا حاجة إلى ما ذكر ؛ انتهى.
والجواب : اختيار انّه يقتضي العدم قبل وقت الحدوث ولا يقتضيه بعده ، وما ذكره من أنّه يلزم حينئذ مدخلية الوقت فنقول : ممنوع ، ولا يلزم قدم الزمان. لأنّ ذلك إذا توقّف حضور هذا الوقت على وقت آخر ، وهو ممنوع ؛ لأنّ اختصاص الوقت بحين حضوره وعدم امكان وجوده قبل ذلك انّما هو لذات الوقت واقتضاء ذاته لوقوعه