اللهم إلاّ على المجاز.
وهو كما ترى.
ثمّ إنّ منشأ تكفير المتكلّمين للحكماء في الايجاب إمّا لزوم القدم لايجابهم ، وإمّا لزعمهم انّ الواجب ـ تعالى ـ عند الحكماء موجب بالفتح ـ وفاعليته ـ تعالى ـ عندهم كفاعلية النار في الاحراق والشمس في الإضاءة ـ تعالى عن ذلك علوّا كبيرا ـ. وهذا الزعم غلط. فانّ الحكماء لا يطلقون عليه ـ تعالى ـ لفظ الموجب ـ بالفتح ـ ، ولو اطلقوه عليه احيانا فالظاهر انّهم يريدون منه كون الفاعل محكوما عليه بوجوب الفعل عنه ، لا كونه مضطرّا ؛ بل هو عندهم موجب ـ بالكسر ـ بمعنى انّه يجب الفعل بالقدرة والاختيار ، فهو موجب ـ أي : مفيض لوجوب المانع قاهر لجميع انحاء عدمه حتّى يصير موجودا ـ ؛ هذا.
واعترض بعض الأعاظم على هذا الايراد أيضا : بانّه لم يثبت فيما سبق حدوث جميع ما سوى الله ـ تعالى ـ مطلقا وإن كان بالنوع ، بل ذلك ممّا لا سبيل إليه عقلا. ولو سلّم ذلك لا يلزم التخلّف على تقدير التوقّف على الشروط المتعاقبة وان كان يلزم التخلّف ، وذلك غير المدّعى في الايراد. وأيضا بناء الاستدلال ليس على فرض الايجاب في الأزل ، بل على الايجاب مطلقا والتخلّف مطلقا إنّما يلزم على فرض الايجاب في الأزل ـ أي : الايجاب بمعنى / ٥٩DB / امتناع الانفكاك مطلقا ـ ، دون الايجاب المطلوب الّذي يشمل الايجاب بالاختيار الّذي قال به المعتزلة ؛
وفيه : انّ حدوث الأجسام والأعراض ثابت بالفعل شخصا ونوعا ـ كما تقدّم ـ.
وأمّا المجرّدات وإن لم يثبت حدوثها بالفعل شخصا ونوعا ولكن العمدة في اثبات حدوثها هو الاجماع والنقل ، وهما كما يدلاّن على حدوثها شخصا فكذلك يدلاّن على حدوثها نوعا أيضا ؛ وقد تقدّم ذلك مفصّلا.
وما ذكره من عدم لزوم التخلّف على تقدير التوقّف على الشروط المتعاقبة ـ نظرا إلى عدم صدق / ٦٣MA / الانفكاك حينئذ لعدم تحقّق القدم بالنوع في الشروط المتعاقبة ـ ؛