لا يكون صادرا عنه باختياره ، وإلاّ لزم التسلسل بنقل الكلام إلى صدوره عنه ويكون الفعل مع ذلك المرجّح واجب الصدور عنه ؛ إذ لو لم يجب لجاز أن يوجد معه تارة ويعدم أخرى. فتخصيص أحد الوقتين بالوجود يحتاج إلى مرجّح آخر. ولا يتسلسل ، بل ينتهى إلى مرجّح يجب معه صدور الفعل عنه ، فيكون اضطراريا لا اختياريا.
وحاصل جواب المحقّق وغيره عنها : انّ القادر من يصحّ عنه الفعل والترك قبل تحقّق الداعي إلى أحدهما ـ وهو الإرادة ـ ، وأمّا بعده فيجب الطرف الّذي تعلّق به الإرادة ، والوجوب بالاختيار لا ينافي الاختيار ، بل يحقّقه.
والوجه في عدم صحّة هذا الجواب أنّ / ٧٠DA / الإرادة أيضا من المرجّحات الّتي يتوقّف تعلّقها بأحد الطرفين دون الطرف الآخر إلى مرجّح آخر ، وإذا نقلنا الكلام إلى ذلك المرجّح أيضا يلزم التسلسل أو الانتهاء إلى مرجّح ويكون صادرا منه باختياره.
والقول بانّ ترجيح المختار أحد المتساويين جائز ـ كما في طريق الهارب وقدحي العطشان ـ قد عرفت فساده.
والعجب انّ الأشاعرة مع قولهم بذلك ـ أي : ترجيح أحد المتساويين بل المرجوح أيضا ، ولذا قالوا بكفاية الإرادة في فعل الواجب تعالى من دون احتياج إلى مرجّح آخر ـ لم يقولوا به في قتل العبد. ولذا يرد عليهم النقض بفعل الواجب ـ تعالى ـ بأن يقال : لو تمّ دليلكم هذا لدلّ على انّ الواجب ـ تعالى ـ أيضا لا يكون موجدا لفعله بالقدرة والاختيار ، لأنّ ما ذكرتموه جار بعينه في حقّه ـ تعالى ـ أيضا. وما أجيب عنه بأنّ إرادة العبد محدثة فافتقرت إلى مرجّح آخر حتّى ينتهى إلى مرجّح يكون من عند الواجب بلا إرادة واختيار من العبد فيه دفعا للتسلسل في الارادات والمرجحات الّتي فرض صدورها منه ، وإرادة الله قديمة لا يفتقر إلى إرادة أخرى مدفوع بأنّه لا يدفع لزوم التسلسل المذكور. إذ نقول : لو لم يمكن الترك مع الإرادة القديمة كان الواجب موجبا لا قادرا مختارا ، وإن امكن فان لم يتوقّف فعله على مرجّح استغنى ما جاز فعله وتركه في اختيار أحد طرفيه عن المرجّح وإن توقّف عليه ننقل الكلام إليه.