يكون زمانيا ، بل هو خارج عن سلسلة الزمان والزمانيات ، سواء كان متناهية ـ كما عليه المليون ـ أو غير متناهية ـ كما ظنّه الحكماء ـ ، ونسبته إلى جميعها نسبة واحدة.
فلا يلزم من تناهي زمان وجود الممكنات كون الواجب ـ تعالى ـ موجودا في زمان موجود أو موهوم لا يوجد فيه ممكن ، كما لا يلزم من تناهي مكان الممكنات كونه ـ تعالى ـ موجودا في مكان كذلك فكيف يتصوّر وأنّى يلزم التخلّف المستحيل؟!. نعم! عند المليين له ـ تعالى ـ قبلية على جميع الممكنات سوى القبلية بالعلّية ، لكن ليست قبلية متقدّرة متكمّمة حتّى يحتاج إلى زمان يكون ملاكا لها. بل منشأ انتزاعها هو اختصاص جميع الموجودات الممكنة بالزمان عندهم ، إمّا من حيث الذات والحقيقة وإمّا من حيث العلاقة الذاتية ، وتناهي الزمان واحاطته ـ تعالى ـ عليه وتعاليه عنه من حيث الذات والصفات الحقيقية. ولا يلزم من ذلك محال ـ كما لا يخفى على المتأمّل المنصف ـ.
وليس المراد من لفظة « كان » في الحديث المشهور (١) الزمان الماضي موجودا ـ لكونه من العالم أيضا ـ ، ولا موهوما ـ لبطلانه عند المحقّقين ، كالمحقق الطوسي وغيره ـ.
وليس المراد من توصيفه ـ تعالى ـ بالدوام والازلية والقدم واشباهها كونه موجودا في زمان غير متناه ـ تعالى عن ذلك ـ. كيف وقد ورد عن ائمّتنا المعصومين ـ عليهمالسلام ـ أيضا : انّ متى مختصّ بالحوادث وأن ليس له ـ تعالى ـ متى ، والردّ على من سأل عن ذلك ، وانّه كان إذ لا كان ولا مكان ، فخلق الكان والمكان ، وانّه قبل القبل بلا قبل وانّه لا يوصف بزمان ولا مكان ، بل هو خالق الزمان والمكان ، وانّه لم يزل بلا زمان ولا مكان ، وانّه الآن كما كان ـ على ما هو منقول بعبارات متغايرة وروايات متظافرة (٢) ـ ، انتهى.
وأنت تعلم انّ حاصل هذا الجواب انّ التخلّف انّما يتصوّر إذا وجدت العلّة في زمان ولم يوجد المعلول فيه ، ووجود العلّة لا في زمان بل في حاقّ الواقع بدون
__________________
(١) اشارة إلى ما مضى من النبوي الشريف : « كان الله ولم يكن معه شيء ». راجع : ص ١٩١.
(٢) راجع : التوحيد ، ص ١٧٣ ، باب نفي المكان والزمان ... عن الله ـ عزّ وجلّ ـ.