جميع الوجودات الخاصّة ، ففيه : انّ ما يشمل جميع الوجودات الخاصّة ويشترك بينها ليس إلاّ الوجود العامّ الاعتباري ، وإن كان مراده به مجموع الوجودات الخاصة من حيث المجموع فيرجع إلى ما ذكرناه أوّلا من أخذ مجموع الموجودات ، وهو لا يلائم كلام هذا القائل كما لا يخفى على من راجع إليه. وان كان مراده به الوجود الصرف الّذي هو حقيقة الواجب ، ففيه : انّ التعبير عنه بطبيعة الوجود غير ملائم ، نعم! التعبير عنه بالوجود المطلق أو الموجود بما هو موجود وإن لم يكن به بأس إلاّ أنّ ما ذكره في استدلاله المنقول عنه لا يلائمه ، بل يخالفه! ، وعلى تقدير هذا الحمل لا يكاد يتمّ استدلاله ولا ينطبق عليه ، لأنّ الوجود الحقيقي الّذي هو الواجب أمر واحد شخصي ، وليس طبيعة كلية يكون له افراد متحقّقة في الممكنات ؛ وما ذكره هذا الفاضل في الاستدلال لا ينطبق إلاّ على فرض أن يكون الوجود طبيعة كلية يكون له افراد متحقّقة في الممكنات ـ كما لا يخفى ـ (١). نعم! يمكن الاستدلال على اثبات الواجب بأخذ الوجود الحقيقي الصرف بأن يقال (٢) : يجب أن يتحقق في جملة الموجودات موجود هو صرف الوجود ومحضه بسيط من جميع الجهات ، وإلاّ لم يتحقّق موجود اصلا ، لأنّ كلّ موجود وجوده زائد على ذاته يفتقر في اتصافه بالوجود إلى علّة تنتهى إلى ما هو صرف الوجود ـ دفعا للدور والتسلسل ـ ، وصرف الوجود وحقيقته هو القائم بنفسه الواجب لذاته موجد الكلّ وقيومه ، لانّ افتقاره إلى ما هو وجوده زائد على ذاته بديهى الفساد ، وإلى ما هو مثله في كونه صرف الوجود يخرجهما معا عن الصرفية ويحوجهما إلى علّة أخرى وإلى نفسه يوجب كون الشيء علّة لنفسه.
وأنت تعلم انّ الدليل هنا أيضا طبيعة الموجود أو افراده ، والمدلول هو صرف الوجود ، فيلزم منه سوى ثبوت الواجب لنفسه لذاته اثبات بعض صفاته الكماليّة وتقدّسه عن سمات النقصان ـ كبساطته وتجرّده وعينية صفاته وعدم كونه جسما وجسمانيا وغير ذلك من الصفات اللازمة لصرف الوجود ـ. نعم! يمكن الاستدلال بالوجود الحقيقيّ على ما أورده بعض المحقّقين ، واعتقد أنّ الوجود الحقيقيّ معنى واحد ،
__________________
(١) الاصل : ـ كما لا يخفى.
(٢) الاصل : ـ بأن يقال.