والحقّ أنّ معرفة وجود صانع العالم فطريّة بديهية ، لكن معرفة وجود الواجب بالذات ومعرفة صفاته الكمالية نظرية.
ثمّ إنّ للعقلاء في اثبات واجب الوجود لذاته مسالك (١) ؛
الأوّل
مسلك الحكماء
القائلين بانّ علّة الحاجة هي الامكان ، وهو الاستدلال من جهة الامكان والتغيّر.
ولمّا لم يكن مجرّد الامكان الذاتي للممكن من دون أن يصير موجودا كافيا في الاثبات ، فالالهيون منهم استدلّوا عليه بالنظر إلى الموجود من حيث هو ، أو من حيث افراده ، أو فرد منه ؛
وبعضهم استدلّوا بالامكان الوقوعي ـ كما يأتي ـ.
والطبيعيون منهم استدلّوا عليه بوجود خاصّ وطبيعته ـ أعني : الحركة ـ ؛
وبعض الحكماء استدلّوا عليه بالنظر إلى حال النفس الناطقة.
فللحكماء أربعة مناهج ؛
المنهج الأوّل
منهج الإلهيّين منهم
وهو الاستدلال بالنظر إلى الوجود. ويمكن الاستدلال على هذا المنهج بوجوه
__________________
من الجزء الأوّل من هذا الكتاب لبيان الدلائل الاقناعية لاثبات واجب الوجود. وفي مفتتح الباب حكى هذا البرهان عن سيّدنا ومولانا أبي عبد الله الصادق ـ عليه وعلى آبائه وأولاده آلاف التحية والثناء ـ.
(١) انظر : الأربعين في أصول الدين ـ للرازى ـ ج ١ ص ١٠٣. تلخيص المحصّل ص ٢٤٢.