ما لا يمكن تغييره للذات (١) كالزوجية للاربعة ؛ وثانيهما : ما يمكن تغييره وتبديله وإن كان ذاتيا ومناسبا للذات ومقتضى للماهية وقابليتها كالبرودة للماء. وما تعلّق به التكليف من الأفعال والصفات جميعا من القسم الثاني ولم يتعلّق التكليف بشيء يكون من القسم الأوّل ؛
يرد عليه : انّا سلّمنا انّ الأمور الّتي تعلّق بها التكليف يمكن تبديلها ، ولكن نقول : لا بدّ لكم من بيان وجه التخصيص والترجيح في صدور تلك الأمور وعدم صدورها من شخص دون آخر في وقت دون آخر ، وفي صدور بعض تلك الأمور دون بعض آخر منها. فإمّا يلزم التسلسل أو الانتهاء إلى الواجب أو إلى الماهية ، فيصير الأمر كما كان.
وبذلك يظهر ضعف القول بأنّ الأمر بين الأمرين كون الأمور التكليفية مفوّضة إلى العبد ، وكون غيرها من عند الله.
وقيل : هو ـ أي : الأمر بين الأمرين ـ هو كون الفعل واقعا بقدرة العبد واختياره ، وكون قدرته واختياره مستندين إلى الله ـ تعالى ـ.
وقيل : هو كون الأسباب القريبة للفعل والترك بقدرة العبد والبعيدة ـ كالجوارح والقوى والاختيار ـ بقدرة الله ـ تعالى ـ ، فالفعل يقع بالقدرتين معا. والعبد / ٧٣MA / ليس بمجبور في فعله ولا مستقلّ فيه بأن يكون الأسباب كلّها مستندة إليه.
وقيل : هو عدم كون العبد مختارا أو مجبورا في جميع الأفعال المتعلّقة به ، بل يكون في بعضها ـ كالمعاصى والطاعات ـ مختارا وفي بعض آخر ـ كالموت والحياة ـ مجبورا.
وممّا ذكرنا يعلم ضعف الكلّ وعدم تماميته.
وقد ظهر ممّا تقدّم أنّ الجواب الّذي قاله المحقّق الطوسى وغيره من الشبهة المشهورة للجبرية غير صحيح. إذ حاصل شبهتهم : انّ العبد لو كان قادرا مختارا ـ والقادر من يصحّ منه الفعل والترك ـ لتوقّف ترجيح فعله على تركه على مرجّح
__________________
(١) في النسختين : كالذات.