إلى ذاته ـ تعالى ـ لتحقّق القدرة بالمعنى المشهور. نعم! لو أريد بعموم القدرة عمومها بالنسبة إلى جميع الموجودات دون جميع الممكنات يجوز أن يراد من القدرة صحّة الانفكاك من كلّ من الطرفين بالنظر إلى الداعي أيضا بشرط أن لا يشترط ايجاد الوقت ـ كما مرّ ـ ؛ هذا.
والظاهر انّ ما يستدلّ به على عموم القدرة بأحد المعنيين يمكن أن يستدلّ به على المعنى الآخر أيضا.
ثم انّ بعضهم استدلّ عليه بأنّ علّة المقدورية عامّة في جميع الممكنات ، فالقدرة عامّة في جميعها ؛ أمّا إنّ علّة المقدورية عامّة في جميعها فلأنّ علّتها الامكان ، وهو وصف مشترك بين جميع الممكنات ، فيكون جميع الممكنات مقدورا له ـ تعالى ـ.
وأورد عليه : بأنّا لا نسلّم انّ الامكان علّة المقدورية ، بل انّما هو علّة الحاجة إلى المؤثر / ٨٦DB / ، والمؤثّر إمّا موجب أو قادر ؛ فاللازم احتياج جميع الممكنات إلى المؤثّر ـ سواء كان قادرا أو موجبا ـ. فلا يلزم مقدورية الجميع ، لأنّ ما يحتاج إلى المؤثّر الموجب لا يكون مقدورا.
وأجيب عنه : بأنّه لمّا كان الامكان علّة الحاجة إلى المؤثّر ، والتأثير لا امكان له في صورة الايجاب بالمعنى المذكور سابقا باتفاق المليين ، فثبت بذلك كون الامكان علّة الحاجة إلى المؤثّر القادر. والتوضيح : انّ الامكان علّة الحاجة إلى المؤثّر الواجب ـ لما سبق من أنّه لا بدّ من الانتهاء إليه ، إمّا بلا واسطة أو بواسطة ـ ، فكلّ مؤثّر ـ سواء كان موجبا أو قادرا ـ ينتهي إلى المؤثّر الواجب ، وتأثير المؤثّر الواجب ـ سواء كان بلا واسطة بينه وبين الأثر أو بواسطة ـ لا يمكن أن يكون على سبيل الايجاب بالمعنى المذكور سابقا ـ أي : بمعنى / ٩١MA / استحالة الانفكاك ـ للاجماع على حدوث العالم ؛ فلا بدّ أن يكون على سبيل الاختيار بمعنى جواز الانفكاك. والحاصل : انّ حدوث العالم ولزوم الانفكاك بينه وبين الواجب في الممكنات وقدرته بالمعنى المذكور متساوقين ، فما يكون علّة للحاجة إلى أحدهما يكون علّة للحاجة إلى الآخر. ولما كان المفروض كون الامكان علّة للحاجة إلى تأثيره ـ لانتهاء الجميع إليه ـ فيكون علّة للحاجة إلى قدرته ،