الذاتية دون بعض آخر معلّل بذلك وإن كان ايجاد ما لم يوجد ولن يوجد أيضا مقدورا بالنظر إلى الذات.
وأنت تعلم انّ هذا على فرض تحقّق الامكان الذاتي لبعض المهيات الّتي لا توجد قطّ ، سواء كان مشابها لبعض ما وجد من الممكنات ـ كامكان كرات أخرى غير الكرات الموجودة ـ أو لا ـ كامكان حقيقة أخرى سوى الحقائق المحصّلة ـ.
ولو منع تحقق الامكان الذاتي لغير ما وجد وما يوجد وعقل عدم وجود ما لم يوجد ولن يوجد بعدم امكانه وعدم قبوله للوجود تعيّن أحد الاحتمالين الأوّلين من العنوان المذكور ، لأنّه تكون الممكنات حينئذ منحصرة بالموجودات. والحاصل انّ المراد من العنوان المذكور : انّ ما هو ممكن ذاتى في حاقّ الواقع مقدور له ـ تعالى ـ ، فان وجد فانّما هو بتأثيره وايجاده ـ تعالى ـ ، وإن لم يوجد قطّ فلمصلحة وحكمة راجعة إلى نظام الخير ؛ ولا ريب في صحّة هذا العنوان وحقّيته.
ثمّ على ما فسّر ـ بكون المراد من القدرة المعنى الثاني الّذي قال به الحكماء أيضا على ما نسب إليهم ، أعني : قوّة يتمكّن بها المؤثّر من الفعل والترك مع العلم والشعور ـ فان ضمّت إليها الإرادة وجب الفعل ، وإلاّ فلا. ويمكن أن يراد منها : المعنى الاخصّ أي : القدرة الملزومة للحدوث الّتي تفرّد المليون باثباتها حتّى يكون المراد من العنوان المذكور تعميمها بالنسبة إلى كلّ الممكنات الذاتية. ويكون معناه : انّ ذاته ـ تعالى ـ من شأنه الانفكاك عن جميع الممكنات الذاتية ، فكما هو منفكّ عن الممكنات الموجودة ـ أعني : العالم بجملته ـ كذلك يكون منفكّا عمّا سواه ممّا هو ممكن بالامكان الذاتي إذا فرض وجوده وإن لم يوجد قطّ. وهذا إذا اريد بالقدرة بالمعنى الأخصّ ما هو الملزوم للحدوث ـ أي : صحّة انفكاك الواجب عن أحد الطرفين بالنظر إلى الداعي ، وهو طرف الوجود ـ ؛ إذ لو أريد به صحّة الانفكاك عن كلّ من طرفي الوجود والعدم بالنظر إلى الداعي لم يصحّ أن يراد بعموم القدرة عمومها بالنسبة إلى جميع الممكنات أو جميع ما له امكان الصدور عن الغير ، إذ لا ريب في أنّ الممكنات الّتي لم توجد اصلا يكون عدمها ممتنع الانفكاك عنه ـ تعالى ـ بالنظر إلى الداعي والعلم بالأصلح وان كان ممكنا بالنظر