موجبا بايّ نحو كان باطلا.
فان قلت : / ٧٠MB / على ما ذكرتم من أنّ موجد جميع الأشياء هو الواجب وأصل الايجاد والافاضة والتأثير الحقيقي منه سواء خصّ التأثير الحقيقي بايجاده ـ تعالى ـ كلّ شيء بنفسه ابتداء أو عمّم بحيث يشمل ما ذكرت من الصدور عمّا صدر عنه ـ تعالى ـ من غير مدخلية شيء آخر من جهة المستندة إلى الممكن فيه يلزم أن لا يكون حركات العباد صادرة عنهم ، بل يكون موجدها هو الله ـ تعالى ـ ، فينهدم بنيان التكاليف الشرعية ويبطل الثواب والعقاب ـ للزوم كون العباد حينئذ مجبورين في صدور ما يصدر عنهم من الافعال والحركات ـ ؛
قلنا : لا ريب في أنّ افاضة وجود الجواهر بأسرها سواء كانت ذوات إرادة وقدرة بها أفاعيل اختيارية أو لا ووجود الأعراض الصادرة عن غير المختارين من الفواعل الطباعية سواء كانت مفارقة عن ذواتها أو مقارنة لها صادرة عن الواجب ـ تعالى ـ ، وهو المؤثّر الحقيقي في وجودها من دون مدخلية شيء آخر ، لأنّ بعد ما ثبت من أنّه لا مدخلية للعدم والقوّة في الافاضة يثبت استناد جميع ما ذكر من الجواهر والاعراض الصادرة عن غير الإرادة إليه ـ تعالى ـ وعدم مدخلية المهيات الامكانية في الافاضة ، لأنّ الجهة المستندة إليها انّما هو العدم والقوّة ، والوجود والفعلية إنّما هو من الواجب الحقّ ؛ إمّا بلا واسطة أو بواسطة ، وفي ذلك لا يلزم اشكال أصلا.
وأمّا الأعراض الصادرة عن المختارين ـ كالانسان ـ فان كانت ممّا لا مدخلية لارادتهم فيها ـ كالقوّة الجسمانية وبعض الصفات النفسانية والهيئات اللازمة لاجسامهم وغير ذلك ـ فحكمها حكم ما مرّ ، وإن كانت ممّا لارادتهم مدخلية في صدورها وعدم صدورها فالنزاع في استنادها إلى الواجب أو إلى العباد أو إليهما بين الأمّة مشهور. وتحقيق القول فيه وإن كان موكولا إلى موضع آخر إلاّ أنّا نشير إلى حقيقة هذه المسألة هنا لتوقّف المطلوب عليه.
فنقول : الجهمية قالوا باستنادها جميعا من الخير والشرّ إلى الله / ٦٧DB / من غير مدخلية لقدرة العباد وارادتهم فيها اصلا حتّى بطريق الكسب ؛