الإلهي هو أن يقال : الشرّ إمّا حقيقي وهو / ١٠٢DB / العدم المحض ؛ ولا ريب في عدم استناده إلى موجود أصلا ـ لا (١) الواجب ولا غيره ـ ، بل هو مستند إلى عدم مثله ـ أعني : عدم علّة الوجود ـ ؛
وإمّا شرّ اضافي ، وهو العدم المخلوط بالوجود ـ أي : الاعدام الاربعة التابعة لبعض الموجودات ، كفقد النفس التابع للقتل ، وتفرق الاتصال التابع للقطع وغير ذلك ـ. وجميع الشرور الواقعة في نظام الخير من هذا القبيل ـ كما اشرنا إليه ـ. وجميع تلك الشرور مستندة إلى غيره ـ تعالى ـ من الممكنات المعلولة له ـ سبحانه ـ ، فهي مستندة إليه ـ تعالى ـ بالواسطة ومع ذلك شرور قليلة تابعة لخيرات كثيرة وواقعة بالعرض بمعنى أنّها ليست مقصودة للواجب بالذات ـ أي : المقصود منها بالذات ما هو متبوع لها من الخيرات الكثيرة ـ ، وهي مقصودة له ـ تعالى ـ بالعرض. ومع ذلك كلّه هي مقدورة له ـ تعالى ـ بالقدرة بالمعنى المشهور ـ أي : ممكنة الصدور عنه تعالى بالنظر إلى ذاته تعالى ـ وإن لم تمكن بالنظر إلى العلم والإرادة من حيث كونها مستندة إلى غيره ـ سبحانه ـ. وعدم كونها مقصودة له ـ تعالى ـ بالذات لا يلزم مناسبة الخير المحض والوجود الصرف للشرّ والعدم. ومن حيث استنادها إلى الممكنات المعلولة له ـ سبحانه ـ لا يلزم اثنينية المبدأ ، فيثبت به عموم القدرة المستجمعة بالنسبة إلى جميع الممكنات بالواسطة. ومن حيث كونها شرورا قليلة تابعة لخيرات كثيرة لا يلزم منافاتها لأصلحية النظام ، ومن حيث اقتداره ـ تعالى ـ على ايجادها بالنظر إلى الذات لا ينافي عموم القدرة على الكلّ بالمعنى المشهور بلا واسطة.
ثمّ توهم الايراد على هذا التفصيل انّما يتصوّر من وجوه :
منها : انّ الممكن لا يجوز أن يكون فاعلا للشرّ ، لأنّه من حيث الجهة المستندة إلى ذاته عدم صرف ولا شيء محض ، فلا يمكن أن يكون بهذه الجهة علّة لشيء اصلا سواء كان هذا الشيء وجودا أو عدما اضافيا. ومن حيث جهته المستندة إلى الواجب ـ تعالى ـ وجود محض ، فكيف تصير هذه الجهة علّة للشرّ الّذي هو العدم مع انّه
__________________
(١) الاصل : الا.