المقدّمة الأولى
في ابطال ترجّح المساوي والمرجوح وترجيحهما (١)
بيان الأوّل : انّ معنى « المساوات » : كون شيئين في مرتبة واحدة بالنظر إلى ثالث ؛ و « المرجوحيّة » : كون أحدهما أبعد من الآخر ؛ و « الراجحية » : كونه أقرب منه ؛ فلو ترجّح المساوي أو المرجوح لزم التناقض ، وبطلانه بديهيّ (٢) ؛ وبه يظهر بطلان الثاني من الفاعل الموجب ، بل ومن المختار أيضا.
والأشاعرة ـ بل أكثر المتكلّمين ـ على أنّ الاختيار يكفي للترجيح ، وللمختار أن يعلّل فعله بالمشيّة ولا حاجة له إلى مرجّح آخر ؛
وفيه : انّه وإن كان كافيا في ترجيح نفس الفعل أو الترك إلاّ أنّه لا بدّ في تعلّقه بأحدهما من مرجّح آخر ، ولذا لو قيل له : « لم فعلت »؟ يمكن له أن يقول : « لأنّي شئته »! ، ولو قيل له : « لم شئته »؟ ، لم يجز له التعليل بالمشيئة ؛ بل لا بدّ له من التعليل
__________________
حصول الاثر. وخامسها : انّ الدور باطل. وسادسها : انّ التسلسل باطل. راجع : المطالب العالية ج ١ ص ٧٢.
(١) راجع : الشرح الجديد على التجريد ، ص ٣٩. وانظر أيضا : كشف المراد ، ص ٣٢.
(٢) « ورايت أبا الحسن محمّد بن على البصرى ـ وهو كان من اذكياء المعتزلة ـ احتجّ على هذه المقدّمة في الكتاب الّذي سمّاه بالتصفّح ، فقال : الممكن هو الّذي استوى طرفاه ، فلو حصل الرجحان من غير مرجّح لزم أن يحصل الرجحان حال حصول الاستواء ، وذلك جمع بين النقيضين وهو محال ». راجع : المطالب العالية ، ج ١ ، ص ٨٧.