ايجاد هذا الممكن نظرا إلى مطلق القدرة ، وانكار ذلك مكابرة. وقد ظهر ووضح انّ المنع المذكور ـ أعني : جواز كون الخصوصية في الممكنات مانعة من تعلّق القدرة ـ مدفوع على قاعدة الاعتزال والحكمة وأمّا على اصول الأشاعرة فلا يرد أصلا حتّى يحتاج إلى الدفع ، لعدم التمايز والتخصيص عندهم في المعدومات وإن كان اصلهم فاسدا!.
وقال بعض المشاهير : لا فرق بين مذهب الأشاعرة ومذهب المعتزلة والحكماء في ورود المنع ؛ إنّما الفرق في دفعه ، فانّ الأشعرية لمّا اعتقدوا أن ليس التأثير ثابتا لغير واجب الوجود دفعوا منع كون ممكن غير مقدور للواجب بأنّه يلزم من كونه غير مقدور له عدم امكان صدوره عن الغير ، فانّ كلّ ما يمكن صدوره عن الغير فانّما يصدر عن الواجب بالذات. وأمّا على مذهب المعتزلة فدفع المنع المذكور أن يقال : مرادهم من تساوي نسبة ذات الواجب إلى جميع الممكنات هو تساوي النسبة باعتبار كونه فاعلا مع قطع النظر عن الإرادة والعلم بالأصلح ؛
وأورد عليه : بأنّه لمّا جعل بناء الاستدلال المشهور وصحّته على عدم ثبوت التمايز بين المعدومات وكون المعدوم لا شيئا محضا ونفيا صرفا لا امتياز فيه أصلا ، فلا مجال لورود المنع المذكور اصلا. وانّما يرد على من لم يقل بذلك واثبت الامتياز والخصوصية للمعدومات / ٩٦MB / ـ كالمعتزلة والحكماء ـ ، فورود المنع على المذاهب الثلاثة لا وجه له. إلاّ أن يكون نظر هذا القائل إلى أنّ القول بعدم التمايز اصلا ممّا لا يعقل ، إذ حينئذ لا يعقل وجود البعض دون البعض ، بل لا معنى حينئذ للبعض والبعض! ؛ فلا بدّ للأشعري أيضا أن يقول بتمايز بين المعدومات في الجملة وإن لم يكن على نحو ما يقوله المعتزلة ، وحينئذ لا فرق بين المذاهب الثلاثة في ورود المنع. ولا يخفى ما فيه من التكلّف ؛ انتهى.
وقال بعض الفضلاء : ولو كان بناء الاستدلال المشهور على عدم تمايز المعدومات بناء على أنّ المعدوم نفي محض يكون بين مذهب الأشاعرة ومذهب المعتزلة فرق قطعا في ورود المنع ، إذ لا مجال على هذا القول للقول بكون البعض مقدورا دون