شيئا موجودا على حدة مغايرا للموجودات الخارجية ، بل هو عبارة عن حدّ ذات الشيء ومرتبته في الوجود ، فالخارج للواجب كونه ثابتا موجودا بذاته قائما بنفسه لا في زمان ولا في مكان ولامع شيء آخر من الموجودات ـ ويعبّر عنه بالسرمد ـ ، وللعقول والنفوس ونفس / ٤٧DB / الزمان كونها موجودة بغيرها لا في زمان ولا في مكان ولأعدامها كونها متحقّقا لا في زمان ـ ويعبّر عنه بالدهر ـ ، وللحوادث اليومية كونها موجودة في الزمان والمكان. فنحن إذا أردنا أن نعبّر عن كون الواجب موجودا بذاته بدون شيء من الأشياء نقول : موجود في السرمد تجوّزا ، وإذا أردنا أن نعبّر عن تحقّق عدم العالم قبل وجوده لا في زمان نقول : انّه متحقّق في الدهر على سبيل التوسّع مع أنّ الدهر والسرمد ليسا شيئين. موجودين منفردين ، فالسابق على وجود العالم ليس إلاّ عدمه الخالص الصرف ووجود الواجب الحقّ ـ تعالى شأنه ـ. ولا يلزم مع ذلك معية الواجب للعالم في الخارج ، لأنّه لا نسبة بين الواجب وبين غيره من الموجودات بوجه من الوجوه ليتصوّر بينهما المعية في الوجود الخارجي ، فانّ المجرّد الصرف القائم بذاته البريّ عن شوائب المادّية والمتعالي عن الانتساب إلى الزمان ايّ معية ومقارنة يتصوّر أن يكون له بالنسبة إلى الزمان وغيره ممّا ينتسب إليه؟ ، فانّ المعية والمقارنة بين الشيئين في الزمان فرع كونهما زمانيين. وإذا انتفت المعية عنه ـ تعالى ـ يتحقّق انفكاكه عن العالم وان لم يكن انفكاكا زمانيا ، فانّه لو فرض قدم الزمان لكان منفكّا عنه بهذا المعنى أيضا. إلاّ أنّ الفرق انّه في صورة تناهية وحدوثه انّه يتحقّق حينئذ قبل العالم والزمان عدم الخالص المحض ويكون الواجب فيه موجودا ، فيصدق انّه كان الواجب في الخارج ولم يكن فيه زمان ، ويصدق انّه لو وجد فيه زمان لكان غير متناه. وللعقل أن يفرض فيه زمانا تقديريا ، فانّ جميع الأزمنة بآزالها وآبادها ، بل أضعافها بألف ألف مرّة لو القيت في هذا العدم أوسعها ، بل كانت بالنسبة إليه واحد بالنسبة إلى الزمان الغير المتناهي ، والأمكنة بعلوها وسفلها بل أضعاف أضعافها لو القيت فيه لوسعها ، بل كانت بالنسبة إليه كحلقة في فلاة وقطرة في بحر زخّار ، بل كنقطة بالنسبة إلى الكرات الغير المتناهية. وممّا يوضح ذلك انّ الواجب ـ تعالى شأنه ـ مع عدم