بالجعل البسيط ـ كما ذهب إليه جماعة ـ أو بجعله موصوفا بالوجود ـ كما ذهب إليه آخرون ـ ؛ لا الوجود العارض وحده ، ولا مجموع العارض والمعروض. نعم! الأثر المترتّب على الجعل بالمعنى الثاني أوّلا هو الاتصاف ـ أي : مفاد الهيئة التركيبية الحملية ـ ، فيستدعى مجعولا ومجعولا إليه ؛ بخلاف الجعل بالمعنى الأوّل فانّ أثر الجعل المترتّب عليه أوّلا هو نفس المجعول وهو المعروض ، ولا يستدعي مجعولا إليه. ثمّ تترتّب عليه موجوديته ووحدته العددية وسائر لوازمه المتأخّرة عنها. وبالجملة المقدور بالذات على الجعلين هو الماهية المعروضة للوجود من حيث هي ـ أي : لا بشرط الوجود والوحدة ـ. والماهية من حيث هي أمر واحد على فرض صدورها من قادرين ـ وإن تعدّد وجودها بالشخص ـ ، فلا يلزم عدم اشتراك المقدور بالذات بينهما.
ثمّ الواحد المشترك بينهما لمّا كان هو الماهية دون الوجود الشخصي فلا يلزم مفاسد كون المتعدّد علّة لواحد من توارد العلل المستقلّة على معلول واحد وكون المعنى العامّ مع ضعف وجوده علّة للواحد بالعدد ، لأنّ المشترك حينئذ هو معروض الموجودية والوحدة العددية ، لا بشرطهما. والمفاسد المذكورة انّما يلزم إذا كان المشترك هو الموجود الواحد بما هو موجود واحد.
وأمّا على / ١٠١MA / ما ذهب إليه بعض العرفاء من مجعولية الوجود أوّلا بالجعل البسيط وكون الماهية أمرا ينتزعه العقل من هذا الوجود ويحمل عليه الموجودية المصدرية المأخوذة من نفس الوجود ويصفه بها ثمّ بسائر اللوازم ، واثبت ذلك بما هو الحقّ عنده من تحقّق وجود الممكنات في نفس الأمر بل تقدمه على ماهيتها فيه ـ كما هو ظاهر كلام المحقّق الطوسى في كتاب مصارع المصارع حيث قال : واعلم انّ وجود المعلولات في نفس الأمر بل متقدّم على ماهياتها وعند العقل متأخّر عنها (١) ـ ، فالظاهر أيضا انّ المقدور بالذات ـ بمعنى ما يصحّ أن يتّصف بالموجودية وأن لا يتّصف بها بسبب إرادة الجاعل ـ ليس إلاّ الماهية الّتي هي المجعول بالعرض عنده ؛ وهي متعلّق الإرادة أوّلا أيضا لتقدّمها على الوجود عند العقل ـ كما ظهر من كلام المحقّق ـ. نعم! الأثر المترتّب على
__________________
(١) راجع : مصارع المصارع ، ص ١٨٩.