الجعل أوّلا والتابع للجاعل من حيث هو جاعل ـ كتابعية الضوء للشمس ـ على هذا التقدير هو الوجود ، لكنّه مقدور بالعرض ومتعلّق للارادة ثانيا.
والحاصل : انّ الأثر المترتّب على الجعل أوّلا على هذا المذهب والمعروض والمقدّم بالذات في / ٩٦DA / الخارج وإن كان هو الوجود وانتزاع الماهية وغيرها من اللوازم يترتّب عليه ثانيا إلاّ أنّ الماهية لمّا كانت مقدّمة على الوجود بحسب الوجود العقلي فهي المقدورة بالذات ، والقدرة تعلّقت أوّلا بها وثانيا بالوجود. ولا ريب انّ الماهية على فرض صدورها من قادرين وان تعدّد وجودها بسبب تعدّد جاعلها إلاّ أنّ تعدّد وجودها إنّما يرفع وحدتها العددية دون وحدتها المعنوية ، فلا يلزم عدم اشتراك المقدور بالذات بينهما.
ثمّ جميع ما ذكر إنّما هو في جعل الليس أيسا وتصيير المعدوم موجودا ، سواء كان هذا المعدوم ـ الّذي صار موجودا ـ جوهرا قائما بنفسه أو حالاّ لوحظ وجوده في نفسه وقطع النظر عن قيامه بغيره ووجوده له ، سواء كان هذا الحالّ صورة أو عرضا خارجيا أو ادراكيا. وأمّا في جعل الشيء الموجود شيئا آخر ـ كجعل الجسم متحرّكا والهيولى مصوّرة وزيد أعمى ـ ، فالظاهر انّ الجعل فيه هو بعينه الجعل المتعلّق بايجاد الحال في نفسه على أيّ نهج كان ، لكن لوحظ تعلّقه بوجوده في محلّه. فيكون أثر الجعل في هذه الملاحظة اتصاف المحلّ به ، ويكون له مجعول ومجعول إليه ، ويكون مركّبا البتة.
وإن زعم بعض اصحاب المذهب الأوّل ـ أعني : الجعل البسيط ـ انّ الأثر هاهنا أيضا أمر بسيط كنفس الاتصاف أو الصيرورة أو شبه ذلك ، لكنّه إذا قيس إلى الطرفين يسمّى مركّبا.
ثمّ ترتّب هذه الملاحظة ـ أي : ملاحظة وجود الحالّ لمحلّه على وجوده في نفسه ـ بحسب إرادة الجاعل ، فان لاحظ في ايجاده الحالّ اتصاف المحلّ به وتعلّق ارادته بذلك كان من باب جعل الموجود شيئا آخر وكان الأثر في هذه الملاحظة اتّصاف المحلّ به ، وإن لم يلاحظ ذلك ولم يتعلّق ارادته به ـ بل كان مقصوده ومراده هو ايجاد الحالّ في نفسه ـ كان من باب جعل الليس ايسا ، وكان الأثر المترتّب عليه أوّلا هو الماهية أو