الذي هو في الحقيقة بحكم الطرح ، ولكنّه في غير مثل المقام الذي يكون احتمال التقيّة فيه أقوى ، فإنّ الحمل على التقيّة حينئذ أقرب إلى الواقع من الحمل على الاستحباب.
ولكن يتوجّه على هذا الكلام أنّه لا أثر لأقوائيّة احتمال التقية ، ولا لكون المورد ممّا لا محيص للإمام ـ عليهالسلام ـ عن إظهار مخالفة الواقع في باب الترجيح بناء على ما هو الحقّ المحقّق في محلّه من عدم اشتراط حجيّة ظواهر الألفاظ بإفادة الظنّ بالمراد ، بل ولا بعدم الظنّ بالخلاف ، فغاية ما في الباب : أنّ كون المورد كذلك يورث الظنّ القوي بعدم كون الأخبار المثبتة للزكاة في سائر الأجناس مسوقة لبيان الحكم الواقعي ، بل صادرة للتقية ، وهذا الظنّ ليس بحجّة ، ولذا لو لم يكن لهذه الأخبار معارض ، ولم يكن هذا الظنّ مانعا عن العمل بها ، فمع المعارض أيضا لا يصلح للمانعة إذا كان المعارض بنفسه صالحا لصرف هذه الأخبار إلى الاستحباب.
والحاصل : أنّه إذا أمكن الجمع بين الدليلين المتنافيين في الظاهر ، بجعل أحدهما قرينة على ارتكاب التأويل في الآخر بشهادة العرف ، وجب الجمع بينهما بذلك ، فإنّه مهما أمكن أولى من الطرح ، ولا يجوز الاعتناء باحتمال التقيّة أو مظنّتها ، لمخالفتها للأصل.
وأمّا ما ذكرناه من أنّه لا يبقى في مثل هذا المقام ظهور للكلام في إرادة الحكم الواقعي ، فهو لا يخلو من مغالطة ، إذ لا اثر لذلك في اختلاف مدلول الكلام من حيث هو ، بل هو مورث للظنّ بعدم كون المدلول مرادا في الواقع ، وهو غير قادح في حجيّة الظواهر.
فالذي ينبغي أن يقال ، هو : أنّ الأخبار المثبتة للزكاة في كلّ ما يكال ليست جميعها على نسق واحد ، بل بعضها يعدّ في العرف معارضا