الرجال لم ينصّوا بتوثيقه.
وهذا ممّا لا ينبغي الالتفات إليه ، فإنّ إبراهيم بن هاشم باعتبار جلالة شأنه ، وكثرة رواياته ، واعتماد ابنه والكليني والشيخ وسائر العلماء والمحدّثين ، غنيّ عن التوثيق ، بل هو أوثق في النفس من أغلب الموثّقين الذين لم تثبت وثاقتهم إلّا بظنون اجتهاديّة غير ثابتة الاعتبار.
والحاصل : أنّ الخدشة في روايات إبراهيم في غير محلّها ، خصوصا في هذا الحديث الذي هو من أوثق الروايات المعتبرة لدى الأصحاب المعمول بها في جلّ فقراتها ، حتّى أنّ مثل السيد الذي لا يعمل بأخبار الآحاد ، ارتكب البعيد في تأويلها بالنسبة إلى نصب الإبل التي هي بظاهرها مخالفة للمشهور ، أو المجمع عليه.
فالحقّ : مكافئة الخبرين من حيث السند ، وقصور الأوّل عن المكافئة من حيث الدلالة ، وجهة الصدور ، كما أشير إليه في عبارة المدارك ، فإنّ استفادة حكم ثلاثمائة وواحدة من إطلاق قوله : «فإذا كثرت الغنم» مع أنه لا أثر يعتدّ به في اتّصافها بهذه الصفة ، لو لم تكن موصوفة بها قبل هذه الزيادة ، إنّما هي المناسبة المقام وسوق الكلام لبيان حكم الغنم على الإطلاق ، الكاشف عن أنّ المقصود بهذا العموم ، هو : بيان حكم الغنم عند تجاوزه عن هذا الحدّ ، وهذا غايته الظهور ، فلا يصلح معارضا للنصّ الصريح : بأنّه إذا زادت على الثلاثمائة واحدة ففيها أربع شياه ، خصوصا مع موافقته للتقيّة ، فإنّه مذهب الفقهاء الأربعة (١) على ما
__________________
(١) وهم : أبو حنيفة النعمان بن ثابت ، تولّد سنة ٨٠ ومات ببغداد سنة ١٥٠ ، ومالك بن أنس ، تولّد سنة ٩٥ ومات سنة ١٧٩ ، ومحمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع ، تولّد سنة ١٥٠ ومات سنة ٢٠٤ ، وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ، تولّد سنة ١٦٤ ، ومات في رجب سنة ٢٤١ ، طبقات الفقهاء لأبي إسحاق الشيرازي : ٦٧ و ٧١ و ٨٦ و ٩١.