على تشخّص النصاب وتميزه عمّا زاد عليه في الخارج ، بل على تحقّقه في الواقع ، فلو باع زيدا مثلا صاعا من صبرة ، وشرط عليه أن يكون ربعه لعمرو ، فقد جعل لعمرو في هذه الصبرة ربعا مشاعا من صاع كلّي مملوك لزيد ، متصادق على أيّ صاع فرض من هذه الصبرة ، فبقاء ملك عمرو ، الذي هو ربع مشاع من الصاع الذي ملكه زيد تابع لبقاء ملك زيد ، الذي هو صاع من هذه الصبرة على سبيل الكلّيّة ، بحيث لا يرد عليه نقص بتلف شيء من الصبرة ما دام بقاء صاع منها ، كما تقرّر في مسألة بيع الصاع من الصبرة.
فإن أردت مثالا مطابقا لما نحن فيه ، فهو فيما لو نذر أنّه إن رزقه الله عشرين شاة لا بشرط عدم الزيادة ، وبقيت عنده سنة ، فنصفها صدقة لأرحامه ، فرزقه الله تعالى ثلاثين ، وبقيت الثلاثون عنده إلى سنة ، فقد تحقّق موضوع نذره ، وصار نصف العشرين الموجود في ضمن هذا المجموع بعنوانه الإجمالي ، ملكا لأرحامه ، فما دامت الثلاثون باقية عنده ، ليس للعشرين الذي تعلّق النذر بصدقة بعضه تشخّص يمتاز به عمّا زاد عليه ، بل كلّ فرد من أفراد هذه الغنم الموجودة عنده إذا انضمّ إلى ما عداه ممّا يكمل به هذا العدد ، يقع مصداقا له ، كما فيما نحن فيه ، فلو تلف منها شيء قبل تعلّق الوجوب أم بعده ما لم ينقص العدد عن العشرين ، لا يرد نقص على ما ثبت للأرحام بالنذر ، فلو تلف منها عشرة وبقيت عشرون ، تعيّن الحقّ فيه ولم ينقص منه ، فإنّه يصدق على ما بقي : أنّ هذه العشرين غنما قد ملكها في أوّل السنة ، وبقيت عنده سنة ، فصار نصفها للأرحام ، بمقتضى نذره ، فكذلك الكلام فيما نحن فيه.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ ما ذكرناه كلّه مبنيّ على تعلّق الزكاة بالعين لا بالذمّة ، وكون الفريضة شائعة في النصاب شياع الكسر في العدد