وهي بهذا المتن أيضا غير متّضح المفاد ، فالأولى ردّ علمها إلى أهله ، وفيما عداها ممّا عرفت غنى وكفاية ، مع موافقة الحكم من أصله للأصل ، وعدم ثبوت خلاف محقّق فيه.
فما عن الكفاية ـ من الاستشكال في حكم المتأخّرين : باستئناف الحول عند البلوغ (١) ـ في غير محلّه.
وربّما يستدلّ أيضا لعدم وجوب الزكاة على غير البالغ والمجنون بحديث «رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق» (٢).
وفيه : أنّ المقصود بالوجوب هاهنا ليس الوجوب التكليفي المعلوم اشتراطه بالبلوغ ، بل الوجوب الناشئ من سببيّة بلوغ المال للنصاب ، لتعلّق الزكاة به التي لا ربط لها بفعل الصبي.
ولا ينافيها عدم كون الصبي ما دام كونه صبيّا غير مكلّف بإخراجها ، فحديث الرّفع أجنبي عن ذلك.
اللهم إلّا أن يوجّه الاستدلال : بأنّ استفادة تعلّق هذا الحقّ بالمال إن كان منشؤها الأوامر المتعلّقة بإعطاء الزكاة ، وأنّ الله فرض على عباده الزكاة ، كما فرض عليهم [الصلاة] (٣) ، فهي بحكم حديث الرفع مخصوصة بالبالغين.
وإن كان الأخبار المسوقة لبيان الحكم الوضعي ، مثل قوله ـ عليهالسلام ـ : (ففيما سقته السماء .. العشر) (٤) فإطلاقها وارد مورد حكم
__________________
(١) كما في كتاب الزكاة للشيخ الأنصاري : ٤٥٦ ، وانظر : كفاية الأحكام : ٣٤.
(٢) الخصال : ٩٣ ـ ٩٤ / ٤٠ ، الوسائل ، الباب ٤ من أبواب مقدمة العبادات ، الحديث ١١.
(٣) زيادة يقتضيها السياق.
(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٥٥ ، سنن أبي داود ٢ : ١٠٨ / ١٥٩٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٨٠ / ١٨١٦ و ٥٨١ / ١٨١٧ ، سنن الدار قطني ٢ : ٩٧ / ٩ ، سنن النسائي ٥ : ٤١ ، سنن البيهقي ٤ : ١٣٠.