القدرة على تحصيل كل منهما منزلة وجودهما عنده في تقدّمها في الرتبة.
ولكن يدفعه دلالة النصّ على اشتراط تعيّن بنت المخاض بوجودها عنده ، لا بالقدرة على تحصيلها ، فما لم تكن عنده ابنة مخاض أجزأه ابن لبون ، سواء كان مملوكا له بالفعل ، أو اشتراه عند إرادة دفعة إلى الفقير.
إن قلت : قد اعترفت أنّ الاجتزاء بابن لبون من باب البدليّة ، فالفريضة الأصليّة التي اشتغلت الذمّة بدفعها أوّلا وبالذات ، هي بنت المخاض ، ولكنّه إذا لم تكن عنده بنت المخاض وحصل عنده ابنة لبون أو ابن لبون ذكر ، اجتزأ الشارع بدفعه بدلا عمّا وجب عليه ، وهذا خارج عن محلّ البحث ، إذ الكلام في أنّه قبل الشراء مخيّر في ابتياع أيّهما شاء ، وأمّا أنّه بعد شرائه يتحقّق الاجتزاء به فهو أجنبيّ عن ذلك.
قلت : ليس ابتياع شيء منهما واجبا نفسيّا ، وإنّما وجب بحكم العقل مقدّمة لتفريغ الذمّة عما اشتغلت به ، فإذا جاز شرعا الاجتزاء بابن اللبون في تفريغ ذمّته ولو من باب البدليّة ، ولم يكن هناك مانع عقليّ أو شرعي عن شرائه ، لا يحكم العقل بتعيّن شراء بنت المخاض ، بل بالتخيير بين شرائها وبين شراء ما يقوم مقامها في هذا الحال الّذي ليس واجدا لبنت المخاض ، كما لا يخفى.
واستدلّ المصنّف في محكي المعتبر ، للقول بتعيّن شراء بنت المخاض الذي نقله عن مالك : بأنّه مع عدمهما لا يكون واجدا لابن لبون ، فيتعيّن عليه ابتياع ما يلزم الذمّة ، وهو بنت المخاض ، ولأنّهما استويا في العدم ، فلا يجزئ ابن اللبون ، كما لو استويا في الوجود (١).
وفيهما ما لا يخفى بعد الإحاطة بما عرفت.
__________________
(١) حكاه صاحب المدارك فيها ٥ : ٨٢ ، وانظر : المعتبر ٢ : ٥١٥.