بيان تكليف المصدق ، إذ المنساق منهما ليس إلّا إرادة أنّه إذا حضر المصدق بلدا ورأى شخصا مالكا لنصاب ، فإن وجده في ذلك الحين واجدا لفريضة ذلك النصاب ، أخذها منه ، وإلّا فعليه أن يقبل منه الإبدال التي عيّنها الشارع على النحو الذي ستعرفه ، فمن كان فريضته بنت مخاض ولم تكن عنده حال حضور المصدق بنت مخاض ، فليس للمصدق إلزام بتحصيلها ، بل عليه أن يقبل منه ابنة لبون إن دفعها إليه ، ويردّ عليه شاتين أو عشرين درهما ، أو ابن لبون من غير أن يردّ عليه ، أو يأخذ منه شيئا ، سواء كان ما يدفعه إليه مملوكا له من قبل ، أو ملكه في ذلك اليوم أو في ذلك المجلس.
فالمراد بقوله : «وكان عنده ابن لبون» كما في إحدى الروايتين (١) «وعنده ابن لبون» كما في الأخرى (٢) ، على الظاهر ، هو التوطئة لقوله : «فإنّه يقبل منه».
فالمقصود به ما هو مقدّمة لهذا الفعل أي الملكيّة حال الدفع التي يتوقّف عليها القبول منه ، كما لا يخفى على المتأمّل.
ولو سلّم انصرافه إلى ما كان عنده من قبل في جملة أمواله التي تعلّق بها الزكاة ، فهو انصراف بدويّ لا يقف عنده الذهن بعد الالتفات إلى عدم اشتراط كون الفريضة أو بدلها من أجزاء ما تعلّق به الزكاة ، بل كونه ملكا له حال الدفع إلى الفقير أو المصدق ، فالتشكيك في جواز ابتياع أيّهما شاء ـ فيما هو محلّ الكلام الذي نجده في أنفسنا ـ ليس ناشئا من انصراف النصّ إلى ما كان موجودا عنده فيما سبق ، بل من تنزيل
__________________
(١) وهي رواية ابن سبيع ، وتأتي الإشارة إلى مصادرها في صفحة ٢٠٤.
(٢) وهي رواية زرارة ، وتأتي الإشارة إلى مصادرها في صفحة ٢٠٣.