وأمّا دعوى استفادته من النصّ بتنزيله على بيان أدنى ما يجزئ ، فهي قابلة للمنع ، وكيف لا ، وإلّا لكان الأعلى بدرجة من أفضل مصاديق الفريضة الواجبة ، فلم يكن يستحقّ بدفعه إلى الفقير قيمة التفاوت الذي قدّره الشارع بشاتين أو عشرين درهما.
فالأوجه عدم إجزاء ما فوق الأسنان عن الفريضة الواجبة إلا بملاحظة القيمة السوقية إن جوّزناه.
نعم ، قد يتّجه الإجزاء بدفع الأعلى بدرجة بلا جبر في الموارد التي ثبت جوازه مع الجبر ، كما إذا كانت الفريضة بنت مخاض ، فدفع بنت لبون من غير أن يأخذ التفاوت للأولويّة القطعيّة ، ولأنّ أخذ التفاوت حقّ للمالك فله إسقاطه.
وقد حكي عن الشهيد في الدروس والبيان ، القول : بأنّ فرض كلّ نصاب أعلى يجزئ عن الأدنى ، وزاد في الأوّل : وفي إجزاء البعير عن الشاة فصاعدا لا بالقيمة وجهان (١).
قلت : وقد عرفت أنّ الأوجه عدمه ، لخروجه عن المنصوص ، كما أنّك عرفت : أنّ المتّجه الاقتصار في الإجزاء بدفع الفريضة الأعلى للأدنى ، لا بملاحظة القيمة (بالموارد) (٢) التي دلّ الدليل على جوازه مع الجبر لا مطلقا ، فلا يجزئ بنت مخاض عن خمس شياه التي هي فريضة خمس وعشرين إلّا بالقيمة.
ودعوى استفادة كفاية الفريضة الأعلى عن الأدنى من النصّ بالأولويّة وتنقيح المناط ، غير مسموعة في الأحكام التعبديّة ، خصوصا بعد
__________________
(١) حكاه عنه ، صاحب الجواهر فيها ١٥ : ١٢٢ ، وانظر : الدروس ١ : ٢٣٥ ، والبيان : ١٧٥.
(٢) كذا في النسخة والطبع الحجري ، والأنسب بالعبارة : على الموارد.