هذين الخبرين ، فضلا عن تأويلهما ، فإنّ الشركة الحقيقيّة مقتضاها حرمة تصرّف كل من الشريكين في المال إلّا بإذن صاحبه ، وعدم جواز الدفع من غير العين بغير رضاه ، وتبعيّة النماء للملك ، وكون المالك لدى التفريط بالتأخير وغيره ضامنا لمنفعة مال الشريك وإن لم يستوفها ، وأن يكون ضمان العين في الأنعام بالقيمة لا بالمثل ، إلى غير ذلك من الأحكام المترتّبة على الملكيّة الحقيقيّة ممّا لا يمكن الالتزام بشيء منها هاهنا ، لمخالفة كل منها لظاهر كلمات الأصحاب والأخبار أو صريحها ، إذ لا خلاف نصّا وفتوى في أنّ للمالك إخراج الفريضة من غير النصاب ، بل دفع قيمتها في الجملة.
وكذا التصرّف في أجزاء النصاب ما عدا مقدار الزكاة ، بل في جميعها حتّى بإخراجه عن الملك ببيع ونحوه.
كما يشهد لذلك صحيحة عبد الرحمن المتقدّمة (١) الدّالة على صحّة بيع الإبل والغنم التي لم يزكّها صاحبها عامين ، وإن بقي لزومه بالنسبة إلى مقدار الزكاة مراعى بأن يؤدّي زكاتها البائع من مال آخر ، بل ظاهر هذه الصحيحة بمقتضى الاقتصار في السؤال والجواب على إخراج الزكاة من دون تعرّض لنمائها ، مع أنّ الإبل والغنم في العامين لا تنفك عن النماء ، من مثل الولد واللبن والصوف واجرة الإبل عدم استحقاق الفقير لها ، مع أنّ مقتضى الشركة الحقيقية ضمان الجميع وإن لم تكن مستوفاة ، إذ لا يتوقّف الضمان على الاستيفاء ، كما أنّ ظاهر كلمات الأصحاب أيضا ذلك ، حيث صرّحوا بأنّه لو مضى عليه أحوال لم يلزمه إلّا زكاة حول واحد ، فإنّ ظاهرهم الاقتصار على أصل الزكاة ، كما اعترف بذلك
__________________
(١) تقدمت في صفحة ٢٤٧.