ولا يكاد يستفاد من أدلّة الزكاة ، ولا من إطلاق فتوى القائلين بوجوب الزكاة في العين ، أزيد من ثبوت هذا النحو من الحقّ للفقير ، وهو كاف في صحّة إطلاق لفظ الشركة في قوله ـ عليهالسلام ـ في الموثّقة المتقدّمة (١) : «إنّ الله تبارك وتعالى شرّك بين الأغنياء والفقراء في الأموال» فهو وإن كان خلاف ظاهر إطلاق لفظ الشركة ، حيث ظاهرها الشركة الحقيقية ، ولكنّه يكفي قرينة لصرفها عن هذا الظاهر : الجمع بينها وبين قوله ـ عليهالسلام ـ في صحيحة ابن سنان : «إنّ الله عزوجل فرض للفقراء في أموال الأغنياء ما يكتفون» (٢) فضلا عن غيره ممّا عرفت ، حيث إنّ الصحيحة صالحة لتفسير ما أريد من الشركة في هذه الرواية ، فإنّه إذا لوحظ مجموع الخبرين يصير المجموع بمنزلة ما لو قال : إنّ الله شرّك بين الأغنياء والفقراء في الأموال بأن فرض على الأغنياء في أموالهم للفقراء بأن يتصدّقوا عليهم بقدر كفايتهم ، مع أنه لا يمكن إثبات مثل هذا الحكم المخالف للقواعد بمثل هذا الظهور ، كما هو واضح.
وأمّا رواية ابن أبي حمزة القاضية بأنّه إذا اتّجر بها في جملة المال ، فلها الربح بقسطها ، وليس عليها الوضيعة (٣) ، فهي بنفسها مخالفة لما تقتضيه الشركة الحقيقية ، فإنّ نفوذ تصرّف أحد الشريكين في المال المشترك الموجب لانتقال حقّه إلى الثمن ، وإباحة تصرّفه فيه ، واستحقاقه لقسطه من الربح بغير إجازته ، مخالف للقواعد.
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ حكم الشارع بأنّ الربح له بمنزلة الإجازة من
__________________
(١) تقدّمت في صفحة ٢٤٩.
(٢) الكافي ٣ : ٤٩٨ / ٧ ، الفقيه ٢ : ٢ / ١ ، الوسائل ، الباب ١ من أبواب ما تجب فيه الزكاة ، الحديث ٣.
(٣) الكافي ٤ : ٦٠ / ٢ ، الوسائل ، الباب ٥٢ من أبواب المستحقين للزكاة ، الحديث ٣.