أربعة دوانيق ، ولمّا كان في زمن عبد الملك ، جمعهما واتّخذ الدرهم منهما ، واستقرّ أمر الإسلام على ستّة دوانيق (١). انتهى ما في الحدائق.
ولقد أطلنا الكلام في نقل الكلمات ، حيث إنّما هي العمدة في تشخيص مثل هذه الموضوعات ، وإن كانت العادة قاضية بأنّ ما اشتهر بين المسلمين في ضبط مقدار الدينار والدرهم ـ اللّذين بني عليهما أحكام شرعيّة كثيرة عامّة الابتلاء ـ من كون المثاقل الشرعي ثلاثة أرباع الصيرفي ، وكون الدرهم نصف المثقال وخمسه ، مأخوذا من أسلافهم يدا بيد ، خصوصا بعد الالتفات إلى قضاء العادة ببقاء عين الدراهم والدنانير المتعارفة في تلك الأعصار إلى الأعصار المتأخّرة ، بل قد يوجد في هذه الأعصار من الدنانير القديمة ، ولعلّ منها الدنانير التي يقال لها : أبو لعيبة ، فمثل هذه الأشياء لا يختفي وزنها على العلماء المتصدّين لضبطه.
وأمّا ما ذكروه من تحديد الدرهم بستّة دوانيق ، والدانق بثمان حبّات من أوسط حبّ الشعير ، وتحديدهم للذراع الأسود الذي وضعه العبّاسيّون بعدّة أصابع ، وتحديد كلّ إصبع بسبع شعيرات أو ستّ ، وتحديد كلّ شعير بسبع شعرات ، فهو تحديد تقريبي ذكروه لشدّة الاحتياط في ضبطه بما لا يسلم عن اختلاف كثير حتّى بالنسبة إلى صنف واحد من شعير مكان خاصّ في سنة واحدة ، فضلا عن البلاد المختلفة في الأقاليم المتشتّتة ، كما لا يخفى على من اختبره بمكيال كبير ، إذ قلّما يتفق مساواة مكيالين منه في العدد.
وفي الحدائق ، بعد أن نقل عن علماء الفريقين التصريح بأن الدرهم
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١٢ : ٨٩ ـ ٩٠ ، وانظر : نهاية الاحكام ٢ : ٣٤٠ ، وفتح العزيز ٦ : ٥ ، والذكرى : ١٦.