قوله : «فيما سقته السماء .. العشر» (١) ونظائره ، فإطلاقه وارد مورد حكم آخر ، لا يصحّ التمسّك به لإثباتها على المجنون ، كما تقدم التنبيه عليه في الفرع السابق ، فليتأمّل.
ثمّ إن ظاهر كلمات الأصحاب في فتاويهم ومعاقد إجماعاتهم المحكيّة ، وكذا المنساق من الخبرين المتقدّمين : أنّ العقل كالبلوغ والحرية والتمكّن من التصرّف من شرائط تعلّق الزكاة بالمال ، فمال المجنون كمال الصبي والمملوك والمال الغائب والدين والمفقود ، خارج عن موضوع هذا الحكم ، فلا يتفاوت الحال حينئذ بين كون الجنون إطباقيا أو أدواريا ، فمتى عرضه الجنون ، خرج ماله عن الموضوع الذي وجبت الزكاة فيه ، كما يفصح عن ذلك إطلاق حكمهم بنفي الزكاة في مال المجنون من غير تعرّض في كلمات من تقدم على العلّامة ـ على ما قيل (٢) ـ للمطبق والأدواري.
وتصريح العلّامة في تذكرته ومحكي نهايته : بأنّه لو كان الجنون يعتوره أدوارا ، اشتراط الكمال طول الحول ، فلو جنّ في أثنائه ، سقط واستأنف من حين عوده (٣).
نعم فرّق بينهما في المدارك ، فقال ما لفظه : إنّما تسقط الزكاة عن المجنون المطبق ، وأمّا ذو الأدوار فالأقرب تعلّق الوجوب به في حال الإفاقة ، إذ لا مانع من توجّه الخطاب إليه في تلك الحال.
ثمّ نقل قول العلّامة في التذكرة كما نقلناه. وأورد عليه بأنّه مشكل ، لعدم الظفر بما يدل على مدّعاه.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٥١٣ / ٣ ، الوسائل ، الباب ٤ من أبواب زكاة الغلّات ، الحديث ٢ ، باختلاف يسير.
(٢) كما في الجواهر ١٥ : ٢٩.
(٣) كما في الجواهر ١٥ : ٢٩ ، وراجع : تذكرة الفقهاء ، ٥ : ١٦ ، ونهاية الأحكام ٢ : ٣٠٠.