بالمفصّل على المجمل أولى من الحكم بالمجمل على المفصّل.
فأمّا ما تضمّن هذا الحديث من قوله ـ عليهالسلام ـ : «وليس على أهل الأرضين اليوم زكاة» فإنّه قد رخّص اليوم لمن وجبت عليه الزكاة وأخذ منه ذلك السلطان الجائر أن يحتسب به من الزكاة وإن كان الأفضل إخراجه ثانيا ، لأنّ ذلك ظلم ظلم به (١). انتهى.
أقول : يدلّ على جواز احتساب ما يأخذ الجائر من الزكاة أخبار كثيرة سيأتي التعرّض لنقل بعضها إن شاء الله ، ولكنّ المراد بتلك الأخبار بحسب الظاهر ما يأخذه بعنوان الزكاة لا مطلقا ، فيشكل توجيه هذه الأخبار بالحمل على احتساب ما يأخذه الجائر من الزكاة ، فإنّ هذه الأخبار إ في إرادة نفي الزكاة على من أخذ منه الجائر الخراج بعنوان كونه خراجا لا صدقة.
نعم ، يحتمل قويّا أن يكون نفي الزكاة عليه بملاحظة أنّ الظاهر من حال السلطان الذي يقبّل الأرض على النصف أو الثلث مثلا : إرادة المعاملة مع الزارع على أن يدفع إليه هذا المقدار عن جميع ما يستحقّه من الزرع الحاصل في هذه الأرض أعمّ من الخراج والزكاة ، فيكون تقبيله بهذا المقدار في قوّة الاشتراط بأن تكون زكاته عليه ، أي : يكون العشر أيضا داخلا في جملة ما يأخذه ، إلّا أن يصرّح بخلافه بأن يشترط زكاته على المتقبّل ، كما يومئ إلى ذلك الموثّقة المزبورة.
وكيف كان ، فلو لم تكن الأخبار المزبورة جارية مجرى التقيّة ، لكان ما ذكرناه في توجيهها من أوجه المحامل ، إن قلنا بصحّة احتساب ما يأخذه الجائر من الزكاة ، كما هو الأظهر ، وسيأتي تحقيقه في المسألة
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٣٨ ـ ٣٩ ، والحديث رقم ٩٧.