إلى كلّ ما فيه مئونة زائدة (١).
فلو بني على احتساب المئونة مطلقا ، لم يكن في ذلك فرق بين الأمرين ، بل كيف يحتسب مئونة السقي الموجبة لإسقاط نصف العشر من جملة المئونة ويخرج نصف العشر بعد إخراجها!؟ وحيث إنّ هذا أمر مستبعد ، احتمل في محكي البيان إسقاط مئونة السقي فيما فيه نصف العشر ، واحتساب ما عداها من المؤن (٢).
وفيه : إنّه لا إحاطة للعقول بمناطات الأحكام التعبّديّة ، فمن الجائز أن يكون سقوط النصف عمّا سقي بالدوالي وشبهها بملاحظة ما فيه من زيادة التعب وقلّة الثمر نوعا ، وإلّا فالمئونة المالية ممّا لا ضابطة لها ، فكثيرا ما يتوقّف تحصيل الماء وتعمير الأرض فيما سقي سيحا بالنسبة إلى الأماكن البعيدة عن الماء ، خصوصا في السنين المجدبة ، على صرف مال أكثر بمراتب ممّا يحتاج إليه السقي بالدوالي في الأماكن القريبة من الشطوط ونحوها.
وإلحاق هذه الموارد بما سقي بالدلاء في إسقاط النصف بإزاء المئونة ـ كما حكي عن الفقيه وغيره ـ قياس مستنبط العلّة ، مع وجود الفارق ، إذ ليس للمؤن الاتّفاقيّة للزرع الذي يسقى سيحا حد معروف ، بل يختلف غاية الاختلاف ، فلا يصحّ مقايستها بما يسقى بالدوالي.
والحاصل : أنّ المتّبع في مثل المقام ظواهر الأدلّة التعبديّة ، فإن قلنا بدلالتها على ثبوت العشر ونصف العشر في جميع ما أنبتته الأرض فهو ،
__________________
(١) حكاه الشيخ الأنصاري في كتاب الزكاة ، ص ٤٩٠ ، وانظر : الوسيلة : ١٢٧ ، ومنتهى المطلب ١ : ٤٩٨ ، والدروس ١ : ٢٣٧ ، ولم نجده في الفقيه.
(٢) حكاه صاحب المدارك فيها ٥ : ١٤٨ ، وصاحب الجواهر فيها ١٥ : ٢٣٧ ، وانظر : البيان : ١٨٠.