علم بما دل على استثناء المئونة إجمالا أنّه إذا كان جميع ما أنبتته الأرض بالغا ثلاثمائة صاع ، لم يجب عشر جميعه ، أي : ثلاثون صاعا.
فيحتمل أن يكون المراد بقوله : «ففيه العشر» أي : فيما يبقى منه بعد إندار المئونة ، فيكون إطلاقه منزّلا على الغالب من عدم استيعاب المئونة للجميع ، وأن يكون المراد بقوله : «ما بلغ خمسة أوساق» ما بلغ هذا المقدار بعد وضع المؤن كلّها.
ولكن الاحتمال الثاني أوفق بظاهر قوله ـ عليهالسلام ـ : «ففيه العشر» حيث إنّ ظاهره إرادة عشر مجموع الخمسة أوسق ، لا ما يبقى منه بعد إخراج المؤن ، فهذا هو الأولى ، ومقتضاه : جعل ما دلّ على استثناء المئونة مقيّدا لأدلة اعتبار النصاب بما بعد وضع المؤن.
ويرد عليه : أنّ هذا ليس بأولى من العكس بجعل ما دلّ على استثناء المئونة مقيّدا لإطلاق «فيه العشر» بما بعد وضع المؤن ، إبقاء لظاهر ما دلّ على اعتبار النصاب على ظاهره من الإطلاق ، حيث إنّ ظاهره إذا بلغ مجموع ما أنبتت الأرض خمسة أوسق ، لا الباقي منه بعد إخراج المؤن ، فليس ارتكاب أحد التقييدين بأهون من الآخر ، فالاحتمالان متكافئان ، والمرجع حينئذ الأصول العمليّة ، وهي براءة الذمّة عن وجوب الزكاة فيما نقص عن خمسة أوسق بعد إخراج المئونة عنه ، وكفى بهذا دليلا على المطلوب.
لا يقال : إن مقتضى عمومات ثبوت الزكاة في الغلّات من مثل قوله ـ عليهالسلام ـ : «فيما سقته السماء العشر» ثبوت الزكاة في مطلق ما أنبتت الأرض ، قليلا كان أو كثيرا ، وقد تخصّص ذلك بما دلّ على اعتبار النصاب ، ولكنّه لم يعلم المراد من أدلّة النصاب من أنّه هل أريد اعتباره بعد إخراج المئونة أم قبله؟ فهو من قبيل المخصّص بالمجمل المردّد بين