الوافي بمئونته ـ ما لم يكن بالفعل مشغولا بحرفته وكسبه ـ مانعا عن جواز تناول الزكاة ، بل قوّى عدمه ، نظرا إلى عدم خروجه بذلك عرفا عن حدّ الفقير الذي وضع له الزكاة (١).
بل عن الخلاف أنّه حكى عن بعض أصحابنا جواز الدفع للمكتسب من غير اشتراطه بقصور كسبه (٢).
واستدلّ له في محكي المختلف (٣) بأنّه غير مالك للنصاب ولا لقدر الكفاية ، فجاز له الأخذ من الصدقة كالفقير.
ثمّ أجاب عنه بالفرق ، فإنّ الفقير محتاج إليها بخلاف صورة النزاع.
أقول : وربما يؤيّد القول المزبور قوله ـ عليهالسلام ـ في صحيحة أبي بصير ، المتقدمة (٤) : «ولا تحلّ الزكاة لمن كان محترفا وعنده ما تجب فيه الزكاة أن يأخذ الزكاة» فإنّه مشعر بحلّيّته (٥) للمحترف الذي لا يملك النصاب وإن كان كسبه وافيا بمئونته.
ولكنّه لا ينبغي الالتفات إلى مثل هذا الإشعار في مقابل ما ستعرف ، خصوصا بعد الالتفات إلى أنّ من كان له حرفة تفي بمئونته ، لائقة بحاله على سبيل الاستمرار لا يعدّ في العرف فقيرا ، بل هو لدى العرف أغنى من غير المحترف المالك المئونة سنة أو سنتين من غير أن يكون له ممرّ معيشة على الدوام.
وقد ورد التصريح بحرمة الزكاة على صاحب الخمسين إذا كان له
__________________
(١) جواهر الكلام ١٥ : ٣١٤ ـ ٣١٥.
(٢) حكاه صاحب المدارك فيها ٥ : ١٩٧ ، وراجع : الخلاف ٤ : ٢٣٠ ، المسألة ١١ ، والمختلف :٣ : ٩٦ ، المسألة ٦٩.
(٣) حكاه صاحب المدارك فيها ٥ : ١٩٧ ، وراجع : الخلاف ٤ : ٢٣٠ ، المسألة ١١ ، والمختلف :٣ : ٩٦ ، المسألة ٦٩.
(٤) تقدّمت في ص ٤٩٠.
(٥) الأنسب : بحليّتها.