اتّهامه بسوء ، وتصديقه في ما يقول (١) ، فله وجه ، وإن كان الأوجه قصور مثل هذه الأخبار عن إفادة المدّعى ، كما تقرّر في الأصول.
وعمدة ما يصحّ الاعتماد عليه في إثبات المدعى هي أنّ إخبار الشخص بفقره أو غناه كإخباره بسائر حالاته من الصحّة والمرض ، معتبر عرفا وشرعا ، وإلّا فلا طريق لتعرّف حاجة المحتاجين في الغالب سوى إخبارهم ، فلو لم يقبل دعوى الفقر من أهله ، لتعذّر عليه غالبا إقامة البيّنة عليه ، أو إثباته بطريق آخر غيرها ، إذ الاطّلاع على فقر الغير وعدم كونه مالكا لما يفي بمئونته من غير استكشافه من ظاهر حال مدّعيه أو مقاله في الغالب من قبيل علم الغيب الذي لا يعلمه إلّا الله.
فلو بني على الاقتصار في صرف الزكاة وسائر الحقوق التي جعلها الله للفقراء على من ثبت فقره بطريق علمي أو ما قام مقامه من بينة وشبهها ، لبقي جلّ الفقراء والمساكين الذين شرّع لهم الزكاة محرومين عن حقوقهم ، وهو مناف لما هو المقصود من شرعها ، بل لا ينسبق عرفا من الأمر بصرف المال إلى الفقراء في باب الأوقاف والنذور ونظائرها إلّا إرادة صرفه في من يظهر من حاله أو مقاله دعوى الفقر ، كأرباب السؤال ونظائرهم ، لا على أن يكون لدعوى الفقر من حيث هي اعتبار في أصل الاستحقاق ، بحيث لو كانت مخالفة للواقع ، لكان المال حلالا له ، بل من حيث الطريقيّة ، ولذا استقرّت السيرة خلفا عن سلف على صرف الصدقات في من يدّعي الاستحقاق من غير مطالبته بالبيّنة.
وكفاك شاهدا على ذلك : الآثار الحاكية للقضايا الصادرة عن الأئمّة ـ عليهمالسلام ـ في صدقاتهم ، مثل خبر عبد الرحمن العزرمي ، المروي عن
__________________
(١) راجع : الكافي ٢ : ٣٦٢ / ٣ ، ثواب الأعمال وعقاب الأعمال : ٢٤٧.