على إطلاقه ـ بحيث يتناول مثل المقام ونظائره من الأمانات التي هي بالفعل في يد من هو مكلّف بإيصاله إلى صاحبه ـ محلّ نظر ، بل منع.
ومن هنا يظهر ضعف الاستشهاد للمدّعى : بخبر منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : قلت : عشرة كانوا جلوسا وفي وسطهم كيس فيه ألف درهم ، فسأل بعضهم بعضا ، ألكم هذا الكيس؟ فقالوا كلهم : لا ، وقال واحد : هو لي ، فلمن هو؟ قال : «للذي ادّعاه» (١) إذ لا يقاس ما نحن فيه بمسألة الكيس الذي لا يد لأحد عليه بالفعل ، ولا هو مضمون على أحد.
وعن العلّامة في المنتهى : أنّه استدلّ عليه بأنّه ادّعى ما يوافق الأصل وهو عدم المال ، وبأنّ الأصل عدالة المسلم ، فكان قوله مقبولا (٢).
وفيه : أنّ كون ما يدّعيه موافقا للأصل ، مع أنّه غير مطّرد ، إنّما يجدي في مقام الترافع ، لا في حجّية قوله بحيث يصحّ الاعتماد عليه في الخروج عن عهدة حقّ الفقير الذي هو ملتزم بإيصاله إليه.
وأمّا ما قيل : من أنّ الأصل عدالة المسلم ، ففيه ما لا يخفى بعد ما تقرّر في محلّه من أنّ العدالة صفة وجوديّة تحتاج إلى سبب ، ولا يكفي في تحقّقها مجرّد ظهور الإسلام مع عدم تبيّن الفسق.
نعم ، لو ادّعي أنّ الأصل قبول قول المسلم ، وأريد منه القاعدة المستفادة من بعض الروايات الآمرة بحمل فعل المسلم على أحسنه ، وعدم
__________________
(١) الكافي ٧ : ٤٢٢ / ٥ ، التهذيب ٦ : ٢٩٢ / ٨١٠ ، الوسائل ، الباب ١٧ من أبواب كيفية الحكم ، الحديث ١.
(٢) حكاه العاملي في مدارك الأحكام ٥ : ٢٠١ ـ ٢٠٢ ، وراجع : منتهى المطلب ١ : ٥٢٦.