وانقباض ، أفنعطيها إيّاه على غير ذلك الوجه وهي منّا صدقة؟ فقال : «لا ، إذا كانت زكاة فله أن يقبلها ، فإن لم يقبلها على وجه الزكاة فلا تعطها إيّاه ، وما ينبغي له أن يستحيي ممّا فرض الله عزوجل ، إنّما هي فريضة الله فلا يستحيي منها» (١).
وقد حمل صاحب المدارك (٢) وغيره (٣) هذه الرواية على الكراهة.
واعترف في الجواهر بعدم وجدان عامل به بظاهره (٤).
أقول : هذه الرواية بظاهرها واردة في من يترفّع ويستنكف عن قبول الصدقة ، ويردّها إذا علم بكونها صدقة ، وحيث إنّ له الخيار في قبول الصدقة وعدمه وهو يردّها ولا يرضى بقبولها ، أشكل الالتزام بصحّة الصدقة وحصول الإجزاء بإيصالها إليه بوجه آخر على سبيل التلبيس ، مع عدم طيب نفسه بقبولها على ما هي عليه ، فيمكن إبقاء النهي حينئذ على حقيقته ، والجمع بينها وبين رواية أبي بصير : بصرف تلك الرواية إلى غير هذه الصورة لو لم نقل بانصرافها في حدّ ذاتها عنها ، كما أنّ كلمات الأصحاب المصرحين باستحباب إيصالها بصورة الصلة إلى المستحيي من أخذها بصورة الزكاة أيضا كذلك.
نعم ، إن قلنا بعدم كون الكراهة التقديريّة الحاصلة في مثل المقام مانعة عن صيرورتها بالفعل ملكا له بقبضها والاستيلاء عليها على جهة الملكيّة جهلا بحقيقتها ، اتجه حمل النهي على الكراهة ، والإرشاد إلى أولويّة إعطائها لمن تطيب نفسه بقبولها ، ويشكر الله على ما فرضه له في
__________________
(١) الكافي ٣ : ٥٦٤ / ٤ ، الوسائل ، الباب ٥٨ من أبواب المستحقّين للزكاة ، الحديث ٢.
(٢) مدارك الأحكام ٥ : ٢٠٤.
(٣) كالسبزواري في ذخيرة المعاد : ٤٦٣ ، والشيخ الأنصاري في كتاب الزكاة : ٤٩٩.
(٤) جواهر الكلام ١٥ : ٣٢٥.