الاجتزاء بموافقته عن الواقع لدى التخلّف عنه ، بل المعذوريّة في امتثال الواقع ما لم ينكشف الخلاف ، لأنّ هذا في ما إذا كان هناك أمر واقعيّ وراء هذا الذي تحقّقت إطاعته ، والمفروض هاهنا أنّ المنساق من الأمر الواقعي ـ المتعلّق بمثل هذه العناوين التي لا طريق إلى إحرازها إلّا بالطرق الظاهريّة ـ إنّما هو إرادة الخروج عن عهدته بهذا الوجه ، أي المتبادر من الأمر ـ بدفع الزكاة الى أهل الإيمان والخمس إلى بني هاشم ـ التكليف بإيصالهما إلى الموصوفين بهذين العنوانين في الظاهر أصاب أم أخطأ ، وقد أتى بما كلّف به ، فيكون مجزئا ، إلّا أن يدلّ دليل تعبّدي على خلافه.
ولا ينافي ذلك الالتزام بوجوب ارتجاع العين مع الإمكان ، لأنّ ذلك بحكم العقل بعد الالتفات إلى تخلّف الطريق عن الواقع ، وكونه قادرا على تداركه بارتجاع الحقّ وإيصاله إلى مستحقّه.
والإنصاف أنّ الدعوى المزبورة لا تخلو من وجاهة ، ولكن مقتضاها التفصيل في أوصاف المستحقّ بين ما كان من قبيل الإيمان والعدالة ، وغير ذلك من الأمور الخفيّة التي يتعذّر الاطّلاع على واقعها غالبا إلّا بمقتضى الظاهر ، وبين ما كان من قبيل الاشتراط بالحريّة ، وعدم كونه ممّن تجب نفقته عليه ، وغير ذلك ممّا لا مانع عن تعلّق التكليف بواقعة كجلّ الموضوعات الخارجيّة التي أنيط بها أحكام واقعيّة.
اللهمّ إلّا أن يتحقّق الإجماع على عدم الفرق ، كما يظهر من كلماتهم التسالم على الإجزاء في الجميع ، عدا أنّهم استثنوا من ذلك ما لو دفعها إليه بزعم كونه حرّا فبان أنّه عبده ، معلّلا ذلك بعدم تحقّق الإخراج عن الملك المعتبر في إعطاء الزكاة وهو لا يخلو من مناقشة ، ولكن الحكم موافق للأصل.