لكن عن ظاهر بعض متأخّر المتأخّرين إطباق الأصحاب هنا على عدم الضمان (١) ، فإن تمّ الإجماع فهو ، وإلّا فالقول بالضمان مطلقا عند انكشاف عدم وصول الحقّ إلى مستحقّيه سواء كان لأجل تخلّف وصف الفقر ، أو غير ذلك من الأوصاف المعتبرة فيه ، من الإيمان وغيره ، هو الأشبه.
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ المنساق من الأمر بصرف الزكاة إلى أهل الولاية أو العدالة ، بل وكذا إلى الفقراء والمساكين ، أو غير ذلك من المتّصفين بأوصاف لا طريق للمكلّف إلى العلم بواقعها إرادة الموصوفين بها في الظاهر ، لا على أن يكون للموصوفين بها موضوعيّة لهذا بحيث يجوز الصرف إليهم ولو مع العلم بمخالفة الظاهر للواقع ، بل من باب الطريقية لواقعة ، كما تقدّمت الإشارة إليه في أوائل المبحث.
ولكن انحصار الطريق فيه لدى العرف والعقلاء ، وتعذّر التكليف بالمتّصفين بها في الواقع لا من هذا الطريق ، أوجب صرف أدلّة التكاليف إلى إرادة الموصفين بها في الظاهر ، ولذا ينسبق من الأمر بإحضار الفقراء أو المؤمنين أو العدول أو بني هاشم مثلا ، أو الأمر بإكرامهم ، أو صرف ثلث ماله فيهم ـ في باب الوصايا والنذور ـ إرادة من كان في الظاهر مندرجا تحت هذه العناوين بالطرق الظاهريّة المقرّرة لدى العرف والعقلاء في تشخيص مثل هذه العناوين ، ومقتضاه حصول الإجزاء في الواقع بموافقة ما أدّى إليه الطرق الظاهريّة التي يعوّل عليها عرفا وشرعا في تشخيصهم.
ولا ينافي ذلك ما تقرّر في محلّه من أنّ الأمر الظاهري لا يقتضي
__________________
(١) حكاه صاحب الجواهر فيها ١٥ : ٣٣٢.