وفيه : أنّ مانعيّته عن الاستحقاق ليس أمرا عقليّا ، بل حكم شرعيّ مستفاد من الأخبار الحاصرة للمستحقّ بأهل الولاية ، والناهية عن دفعها إلى غيرهم ، وهي غير آبية عن الحمل على ما لا ينافي هذه الأخبار ، كما تقدمت الإشارة إليه آنفا ، فمقتضى القاعدة الجمع بينها بتقييد المطلقات بحال وجود المؤمن.
ولكن قد يشكل ذلك بما في بعض هذه الأخبار من أمارات التقيّة.
أمّا موثّقة إسحاق : فظاهرها ـ على ما يقتضيه إطلاق الجواب من غير استفصال ، وما فيها من التعليل المناسب للعموم ـ إرادته على الإطلاق من اشتراطه بعدم المؤمن ولا بعدم النصب ، فهي واردة مورد التقيّة ، كما يفصح عن ذلك : التعليل بمكان الشهرة ، إذ المراد به ـ على الظاهر ـ بيان أنّ الأمر بإعطاء غير الموالي من جيرانه لأجل التقيّة والتحرّز عن أن يشتهر بينهم كونه رافضيّا.
ومن هنا قد يغلب على الظن أنّ الأمر بقسمته الفطرة على من حضر ، وعدم نقلها إلى بلد آخر وإن لم يجد موافقا ، من غير تقييد الدفع إلى غير الموافق بعدم النصب ولا بعدم المؤمن ، لم يكن إلّا للعلّة المذكورة في الموثّقة ، أي : مراعاة التقيّة.
وكذلك الكلام في صحيحة عليّ بن يقطين ، فإنّ ظاهرها إرادة الإطلاق.
وليس تقييده بصورة تعذّر الإيصال إلى المؤمن ، التي هي فرض نادر ، جمعا بينها وبين غيرها من الأدلّة ، بأهون من إبقائها على ظاهرها من إرادة الإطلاق رعاية للتقيّة المناسبة لحال السائل ، بل هذا أولى.
وأمّا خبر مالك فلا يمكن الالتزام بظاهره ، اللهمّ إلّا أن يحمل على إرادة خصوص المؤمن من المسلم ، وهو غير عزيز في الأخبار.