للطفل ولو مع وجود الوليّ ، كأن يطعمه في حال جوعه وإن لم يعلم بذلك أبوه؟ الظاهر عدم الجواز من سهم الفقراء ، لأنّ الظاهر من أدلّة الصرف في هذا الصنف هو : تمليكهم إيّاه. نعم يجوز في سبيل الله.
ويحتمل الجواز من سهم الفقراء بدعوى : أنّ الظاهر من تلك الأدلّة :استحقاقهم للزكاة ، لا تمليكهم لها ، فالمقصود هو الإيصال (١). انتهى.
أقول : وهذه الدعوى قريبة جدّا ، وربّما يؤيّدها أيضا خبر يونس المتقدّم (٢) ، مع أنّ ما يظهر منهم من التسالم عليه من عدم حصول الملكيّة للطفل إلّا بقبض الولي قابل للمنع ، فإنّ ما دلّ على سلب أفعال الصبي وأقواله إنّما يدلّ عليه في عقوده وإيقاعاته ونظائرها ممّا فيه إلزام والتزام بشيء على وجه يترتّب على مخالفته مؤاخذة ، لا مطلق أعماله ، ولذا قوّينا شرعيّة عباراته ، فكذا معاملاته التي لم يكن فيها إلزام والتزام ، بل مجرّد اكتساب ، كحيازة المباحات وتناول الصدقات ونظائرها.
ألا ترى قضاء الضرورة بعدم جواز السرقة ممّا حازه الصبي من المباحات الأصلية وغيرها ممّا يجوز حيازتها بقصد الاكتساب ، فكذا الشأن في ما يتناول من وجوه الصدقات.
نعم ليس للمالك الاجتزاء بدفعها إليه في تفريغ ذمّته ، لإمكان أن يقال بكون الملكيّة الحاصلة بقبضه مراعاة بعدم إتلافها وصرفها في ما يجوز لوليّه الصرف فيه ، أو يقال بأنّها وإن دخلت في ملكه بقبضه كالحطب الذي يجوزه للاكتساب ، ولكنّها مضمونة على المالك حتى يصرفها في حاجته.
__________________
(١) كتاب الزكاة للشيخ الأنصاري : ٥٠٥.
(٢) تقدم في ص ٥٩٩.