الكافر ، التي قد يتأمّل أو يمنع عن كونها مشمولة لحديث الجبّ ، مدفوعة بأنّ الحقوق الماليّة القابلة للتأمّل أو المنع عن كونها مشمولة للنص ، إنّما هي الحقوق الثابتة عليه لا بشرع الإسلام ، كردّ الأمانات ، والديون المستقرّة في ذمّته ، وإلّا فقد أشرنا إلى أن الخمس والزكاة والكفّارات ونظائرها ، من الحقوق الماليّة الناشئة من التكاليف المقرّرة في دين الإسلام ، من أظهر موارد الحديث.
وأمّا ما ذكره من استلزام هذا الحكم عدم وجوب الزكاة على الكافر ، فهو إشكال يتوجّه على سائر التكاليف المشروطة التي يتوقّف الخروج عن عهدتها على مقدّمة متقدّمة على زمان حصول شرطها وحضور وقتها ، بحيث لو أخلّ بها امتنع توجّه الخطاب بفعلها بعد حصول شرطه ، وقد حقّقنا في أوّل كتاب الطهارة (١) ، لدى البحث عن وجوب الغسل في الليل لصوم الغد ما يندفع به هذا الإشكال.
وملخّصه : أن المدار في صحّة التكليف ، وحسن المؤاخذة على مخالفته ، إنّما هو على تمكّن المكلّف من الخروج عن عهدته ولو بترتيب مقدّماته من قبل عشرين سنة ، لا القدرة المقيّدة بحصولها بعد حضور وقت الفعل أو حصول شرطه ، ولكن يجب عند توقّفه على مقدّمة متقدّمة أن يوجّه إليه التكليف من حين قدرته عليه ، فيصحّ أن يكلّف كلّ أحد من أوّل بلوغه بأن يسلم ويؤدّي زكاة أمواله في كلّ سنة ما دام حيّا ، وأن يأتي بالفرائض اليوميّة في أوقاتها ، ويقضيها في خارج الوقت لدى فوتها في الوقت ، فإذا كلّفه بذلك في أوّل بلوغه ، صحّت مؤاخذته على مخالفة الجميع وإن كانت صحة الجميع مشروطة بإسلامه في اليوم الأوّل
__________________
(١) راجع ص ٤ (الطبع الحجري).