وبالجملة ، فالوجوب على الكافر متحقّق ، فيجب بقاؤه تحت العهدة إلى أن يحصل الامتثال ، أو يقوم على السقوط بالإسلام دليل يعتدّ به.
على أنّه ربّما لزم من هذا الحكم عدم وجوب الزكاة على الكافر ، كما في قضاء العبادات ، لامتناع أدائها في حال الكفر ، وسقوطها بالإسلام ، إلّا أن يقال : إن متعلّق الوجوب إيصالها إلى الساعي وما في معناه في حال الكفر ، وينبغي التأمل في ذلك (١). انتهى.
أقول : أما المناقشة في سند مثل هذه الرواية المشهورة ، المتسالم على العمل بها بين الأصحاب ، فممّا لا ينبغي الالتفات إليها ، بل وكذا في دلالتها ، فإنّ مثل الزكاة والخمس والكفّارات وأشباهها من الحقوق الثابتة في الإسلام بمنزلة القدر المتيقّن منها ، كما يؤيّد ذلك ، بل يدلّ على أصل المدّعى قضاء الضرورة بجريان سيرة النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ والأئمّة ـ عليهمالسلام ـ القائمين مقامه ، على عدم مؤاخذة من دخل في الإسلام بشيء من هذه الحقوق بالنسبة إلى الأزمنة الماضية.
وأمّا المخالف الذي استبصر ، فهو خارج عن مورد هذا الحكم ، فيجب عليه تدارك جميع ما فاته من التكاليف الثابتة في الإسلام ماليّة كان أم بدنيّة ، لكن ما أتى به منها على وفق مذهبه قبل استبصاره ممضى شرعا ، منّة عليه فيما عدا الزكاة المصروفة في غير مصرفها على ما نطق به الأخبار ، فهذا ممّا لا ربط له بالمقام.
ودعوى أنّ التفرقة بين الزكاة وغيرها في المخالف إنّما هي باعتبار كونها متعلّقة لحقّ الناس ، كما وقع في الأخبار التصريح به ، فهذا يكشف عن أنّ الزكاة أيضا كسائر الحقوق الماليّة للغير ، الثابتة على
__________________
(١) مدارك الأحكام ٥ : ٤٢ ، وانظر : المصادر في الهامش ٢ من صفحة ٩٢.