فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (٦٠) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (٦١) وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) (٦٢)
الأنبياء معصومون في إخبارهم عن الله أن يقولوا ما ليس هو الأمر عليه في نفسه ، بخلاف غير الأنبياء من المخبرين من عالم وغير عالم ، فالعالم قد يتخيل فيما ليس بدليل أنه دليل ، فيخبر بما أعطاه ذلك الدليل ثم يرجع عنه ، فلهذا لا ينزل في درجة العلم منزلة النبي صلىاللهعليهوسلم ، وقد يخبر بالعلم على ما هو عليه في نفس الأمر ، ولكن لا يتعين على الحقيقة لما ذكرناه من دخول الاحتمال فيه ، وكذلك غير العالم من العوام فقد يصادفون العلم وقد لا يصادفونه في إخبارهم ، والنبي صلىاللهعليهوسلم ليس كذلك ، فإذا أخبر عن أمر من جهة الله فهو كما أخبر ، فالمحصّل له عالم بلا شك ، كما أن ذلك الخبر علم بلا شك.
(وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (٦٣) إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (٦٤) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٦٥) هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٦٦) الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) (٦٧)
الخلة هنا هي المعاشرة ، ولا تصح المخاللة من المخلوقين ، أعني من المؤمنين ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن صاحبكم خليل الله] فالمخاللة لا تصح إلا بين الله وبين عبده ، قال تعالى : (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً) ولكن قد انطلق اسم الأخلاء على الناس مؤمنيهم وكافريهم ، فتسمى المعاشرة التي بين الناس إذا تأكدت في غالب الأحوال خلة ـ راجع سورة النساء آية ١٢٤ ـ.